وَاعْتَذَرَ كلُّ وَاحِدٍ بِشِدَّة غَضَبِ اللّٰه تعالى، وَقَالَ: قَدْ غَضِبَ الْيوْمَ رَبُّنَا غَضَباً لَمْ يغْضَبْ قَبْلَه مِثْلَه، وَلَا يغْضَبُ بَعْدَه مِثْلَه، حتى يشْفَعَ نَبِينَا صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لِمَنْ يؤْذَنُ لَه فِيه[1].
كيفَ تُتَحَمَّلُ الْعَوَاقِبُ؟
أيها الْإِخْوَة الْمُسْلِمُوْنَ! هذِه لَمْحَة مِنْ أهوَالِ يوْمِ الْقِيامَة فَقَطْ، وَهيَ كلُّها مَعَ الْحِسَابِ وَالْعَرْضِ على اللّٰه تعالى قَبْلَ عَذَابِ جَهنَّمَ.
تَفَكرُوْا! نَحْنُ الْيوْمَ إِذَا زَادَتِ الْحَرَارَة قَلِيلاً عَنِ الْمُعْتَادِ تَضْطَرِبُ أحْوَالُنَا وَنُفُوْسُنَا، وَإِذَا اِنْقَطَعَتِ الكهرباء لَيلاً فَإِنَّ النُّفُوْسَ تمتلئ رَهبَة وَوَحْشَة مِنَ الظَّلاَمِ، وَإِذَا تَأخَّرْنَا عَنْ طَعَامِ وَقْتٍ نَسْقُطُ مِنَ الْإِعْياء وَالضُّعْفِ، وَإِذَا لَمْ نَجِدِ الماء في شِدَّة الْعَطَشِ فَكأنَّنَا نُشْرِفُ على الْمَوْتِ، وَإِذَا وَقَعْنَا فِي الزَّحْمَة نَمُلُّ، وَإِذَا وَقَعَتْ ذَرَّة الْغُبَارِ فِي الْعَينِ نَضْطَرِبُ، وَإِذَا زَجَرَنَا الْوَالِدُ نَرْتَعِدُ، وَإِذَا نَهرَنَا الْأسْتَاذُ نَخَافُ، وَإِذَا تَوَقَّفَ الهواء فِي الصَّيفِ نَتَضَيقُ وَتَبُلُّ مَلَابِسُنَا عَرَقاً.
آه... فَكيفَ بِنَا لَوْ عُذِّبْنَا بِسَبَبِ تَأخِيرِ الصَّلاَة عَنْ وَقْتِها...!
لَوْ سُلِّطَ عَلَينَا الْجُوْعُ وَالْعَطَشُ بِسَبَبِ تَرْك صِيامِ رَمَضَانَ بِدُوْنِ عُذْرٍ شَرْعِي...!
لَوْ كوِيتْ أجْسَامُنَا بِالنَّارِ بِسَبَبِ عَدَمِ أداء الزَّكاة الْمَفْرُوْضَة...!
لَوْ مُلِئَتِ الْأعْينُ نَاراً بِالنَّظَرِ إلى مَا حَرُمَ النَّظَرُ إِلَيه...!
لَوْ صُبَّ الرَّصَاصُ الْمُذَابُ فِي الْآذَانِ بِسَبَبِ سَمَاعِ الْأغَانِيْ وَاسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَالْغِيبَة وَالنَّمِيمَة وَالْكذْبِ...!