فأَدْخَلْتُ يَدِيْ اليُمْنَى في شَقِّ القبرِ، فإذا بِي أَجِدُ جَمْرَةً في يَدِيْ فصَرَخْتُ صَرْخَةً عَظِيْمَةً، وأَخْرَجْتُ يَدِيْ مِن قبرِه مُباشَرَةً، وهَرَبْتُ على الفَوْرِ، لأَنَّ يَدِيْ احْتَرَقَتْ، وَصِرْتُ أُعانِي مِن أَلَمٍ شَديدٍ في يَدِيْ فتُبْتُ إلى الله عزّ وجلّ باكِيًا، وذَهَبْتُ أَتَعالَجُ عندَ الأَطِبّاءِ لكِنْ دونَ جَدْوَى، وإنّما أَستَرِيحُ عندَما أَغْمِسُ أَصابِعِي في الماءِ، ولِذا أَضَعُ يَدِيْ اليُمْنَى في الماءِ دائِمًا.
وعندَما سَمِعْتُ هذه القِصَّةَ الْحَزينَةَ الْمُؤَثِّرَةَ أَصْبَحَ قَلبِي مُتَنَفِّرًا عن الدّنيا وكارِهًا لِلثَّرْوَةِ، وتَذَكَّرْتُ آيَةً في كتابِ الله عزّ وجلّ: أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ ١ حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ [التكاثر: ١٠٢/٢،١].
إخوتي الأحباء! قد رَأَيْتُمْ كيفَ أَهْلَكَ حُبُّ المالِ صاحِبَه؟! ماتَ الْمُتَسَوِّلُ مُقَبِّلاً مالَه الْحَرامَ، وأُصِيْبَ صَدِيْقُه بالبَلاءِ عندَما حاوَلَ أنْ يَأْخُذَ المالَ الْحَرامَ من قبرِه، نَسْأَلُ اللهَ سبحانه أنْ يَعْفُوَ عن ذُنُوْبِ الْمُتَسَوِّلِ وصَدِيْقِه ويَغْفِرَ لَهُما دونَ الحِسابِ، ونَسْأَلُ اللهَ أنْ يُحَقِّقَ لَنا هذه الدَّعَواتِ، آمين بجاهِ النّبيّ الأَمين صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم.