الأَكياسَ الأَرْبَعَةَ حَسَبَ ما أَوْصَانِي، ثُمَّ بعدَ زَمَنٍ خَسِرْتُ تِجارَتِي وأَمْوالِيْ وأَصْبَحْتُ مَدْيُوْنًا، وضايَقَتْنِي مُطالَبَةُ الدَّائِنِ لِيْ، فَلَمْ أَجِدْ حِيْلَةً لِسِدادِ الدُّيُوْنِ، وذاتَ يومٍ تَذَكَّرْتُ الْمُتَسَوِّلَ الْمُخادِعَ، وتَأَسَّفْتُ على غَباوَتِي، لِماذا دَفَنْتُ النُّقودَ مَعَه؟! لا يَنْفَعُه مالُه في قَبْرِه فلَوْ أَخَذْتُ مالَه صِرْتُ ثَرِيًّا، وجَعَلَ الشَّيْطانُ يُوَسْوِسُ لِي ويُحَرِّضُنِي فقال لِي: إنَّ الثَّرْوَةَ مَوجُودَةٌ في القبرِ ولَمْ تَكْتَشِفْ السِّرَّ حتَّى الآن، فقَرَّرْتُ أنْ أُخْرِجَ المالَ مِن قبرِه مَهْمَا كلف الثمن، وذاتَ ليلةٍ أَخَذْتُ عُدَّةَ الْحَفْرِ ووَصَلْتُ الْمَقْبَرَةَ، وكان الْجَوُّ كُلُّه مُهِيْبًا والصَّمْتُ مُخَيِّمٌ، وكنتُ أَخافُ لِشَيْءٍ مَجْهُوْلٍ أَحْسَسْتُه في داخِلِيْ، وابْتَلَلْتُ عَرَقًا، حتّى جَمَعْتُ قُوَّتِي وجَعَلْتُ أَحْفِرُ قبرَه فذَهَبَ الْخَوْفُ، وأَحْدَثْتُ شَقًّا في قبرِه، فلمّا أَرَدْتُ أنْ أُدْخِلَ يَدِي في قبرِه تَقاصَرَتْ هِمَّتِيْ وارْتَعَشَتْ نَفسِي خَوْفًا، وهاجَمَتْنِي الأَفْكارُ الْمُخِيفَةُ وصاحَ قَلبِي قائِلاً: ارْجِعْ واذْهَبْ مِن هُنا، ولا تُدَمِّرْ آخِرَتَك عن طَرِيْقِ المالِ الحرامِ، لكِن الطَّمَعُ غَلَبَ على نَفسِي وفَوْقَ ذلك شَجَّعَتْنِي الأَحْلامُ الذَّهَبِيَّةُ وأَقْنَعَتْنِي بأنَّ هَدَفَك أَمامَك، ونَشْوَةُ الثَّرْوَةِ أَشْغَلَتْنِي عَن آخِرَتِي،