بالْجُلُوسِ عندَه ثُمَّ قال بصَوْتٍ خَفيضٍ: سَامِحْنِي، لأَنِّي خَدَعْتُك كَثِيْرًا، فقُلْتُ: كيفَ؟ قال: كنتُ أُحَدِّثُ بقِصَصٍ كاذِبَةٍ لأَتَسَوَّلَ، والآن لا أَظُنُّ أنَّني سوفَ أَبْقَى في الْحَياةِ، لِذا سَأُخْبِرُكَ بقِصَّتِيْ:
وُلِدْتُ في بَيْتٍ مُتَوَسِّطِ الحالِ ثُمَّ تَزَوَّجْتُ وأَنْجَبْتُ أَطْفالاً، لكِنِّي أَصْبَحْتُ شَحَّاثًا مُتَسَوِّلاً، بينَما كانَتْ زَوْجَتِيْ تُعارِضُنِي على سُؤالِ النّاسِ بل كانَتْ تَكرَهُ التَّسَوُّلَ وتَتَشاجَرُ مَعِيْ، ومَرَّتْ الأَيّامُ وكَبِرَتْ الأَطْفالُ وعَلَّمْتُهُمْ التَّعْلِيْمَ العالِيَ، ثُمَّ حَصَلُوْا على وَظائِفَ كُبْرَى، وكانوا يَكرَهُونَ التَّسَوُّلَ أيْضًا، ويُلِحُّوْن عَلَيَّ بأَنْ أَتْرُكَه، لكِنْ عادَتِي تُجْبِرُنِي عَلى ذلك، فأَنا أُحِبُّ الثَّرْوَةَ حُبًّا كَثِيرًا، ولا أُريدُ أنْ أَتْرُكَ ثَرْوَةً تَحْصُلُ دُوْنَ بَذْلِ الْجُهُوْدِ، واشْتَدَّ الخِلافُ بَيْنِي وبَيْنَ أُسْرَتِيْ حَتَّى تَرَكْتُ بَيْتي وأُسْرَتِي بسَبَبِ هذا الأَمْرِ، وأَقَمْتُ في هذِه العُشَّةِ، ثُمَّ أَشارَ إلى قِطَعٍ مِن الثِّيابِ مُمَزَّقَةٍ مَوضُوعَةٍ في ناحِيَةِ العُشَّةِ وقال: فإذا أَزَلْتَ تلكَ القِطَعَ عن مَوْضِعِها فسَتَجِدُ أَرْبَعَةَ أَكياسٍ، وَافْتَحْ كِيْسًا مِنْها، فأَزَلْتُها عن مَكانِها ووَجَدْتُ أرْبَعَةَ أَكياسٍ، فلَمَّا