عنوان الكتاب: المتسول المخادع

فَتَحْتُ كِيْسًا اسْتَغْرَبْتُ حيثُ ظَهَرَ فيه مَبْلَغٌ كبيرٌ مِن النُّقُوْدِ، الآن كنتُ عَرَفْتُ أنَّه مُتَسَوِّلٌ مُخادِعٌ، وأَضافَ أَيْضًا: أنَّ هذِه الأَكياسَ الأَرْبَعَةَ مَمْلُوْءَةٌ بالنُّقُوْدِ، وَاعْلَمْ أَنّي اكْتَشَفْتُ سِرِّيْ مُعْتَمِدًا عليك، فلا بُدَّ أنْ تُمْضِيَ وَصِيَّتِيْ، ولَمّا وَافَقْتُ على ذلك قال: كنتُ أُحِبُّ الثَّرْوَةَ حُبًّا كثيرًا، وَلِذا تَرَكْتُ بَيْتِي وأُسْرَتِي، ما ارْتَدَيْتُ مَلابِسَ جَمِيلَةً، وما أَكَلْتُ طَعامًا طَيِّبًا، إنَّما كنتُ أَفْرَحُ برُؤْيَةِ المالِ فحَسْبُ، ثُمَّ قال: قَدِّمْ إلَيَّ بعضَ النُّقُوْدِ إنِّي أُرِيْدُ أنْ أُقَبِّلَها، فَقَدَّمْتُ إليه بعضَ النُّقُوْدِ، فأَخَذَها بِيَدَيْهِ الْمُرْتَعِشَتَيْنِ ووَضَعَها على صَدْرِه، وقَبَّلَها مِرارًا، وقال: لا بُدَّ عليك أنْ تُمْضِيَ وَصِيَّتِيْ، وَهِيَ: أنْ تَدْفِنَ مَعِيَ الأَكياسَ الأَرْبَعَةَ الّتِي كنتُ قَدْ ادَّخَرْتُها طَوالَ حَياتِي فوَافَقْتُ على الفَوْرِ، ووَعَدْتُه بذلك، فجَعَلَ يُقَبِّلُ النُّقودَ مُتَحَسِّرًا حتَّى صاحَ فَجْأَةً وماتَ وسَقَطَتْ النُّقودُ مِن يَدَيْه، فخِفْتُ وارْتَعَشْتُ، لكِنِّي سُرْعانَ ما تَمالَكْتُ نَفْسِي وجَمَعْتُ النُّقُودَ، وأَدْخَلْتُها في الأَكياسِ، ثُمَّ أَخْفَيْتُ الأَكياسَ الأَرْبَعَةَ تَحْتَ قِطَعِ الثِّيابِ الْمُمَزَّقَةِ كما كانَتْ في السَّابِقِ، وبَعْدَها كَفَنْتُه ودَفَنْتُه ودَفَنْتُ مَعَه


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

24