ترجمة صاحب المقامات الحريرية [1]
اسمه ومولده:
هو أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري [2] البصري, وُلد سنة ٤٤٦ﻫ بـ"المَشان" [3]، وكان أصل الحريري منها، ثُمّ رحل إلى "البصرة" وسكن بها في محلّة بني حَرام [4].
سمِع الحديث مِن أبي تَمام محمد بن الحسن بن موسى المُقْرى وأبي القاسم الفضل القَصَبانِيّ الأديب, وأبي القاسم الحسين بن أحمد بن الحسين الباقِلاّنِيّ وغيرهم, وتفقّه على أبي إسحاق الشِّيرازي وأبي نصر بن الصَّبَّاغ, وقرأ الفرائض والحِساب على أبي الفضل الهَمذاني وأبي حكيم الخَبْري, وأخَذ الأدب عن أبي الحسن علي بن فَضّال المُجاشِعِيّ وأبي القاسم القَصَباني.
وكان من البَلاغة والفَصاحة بالمَحلِّ الرَّفِيع الذي تشهد به مقاماتُه التي لا نظير لها, رَشِيق النظم والنثر, حلو الألفاظ, عذب العبارة, إمام مقدّم في الأدب وفنونه.
قال ابن السمعاني: لو قلتُ: إنّ مُفتَتح الإحسان في شعره, كما أن مختَتم الإبداع بنثره, وأنّ مَسِير الحسن تحت لواءِ كلامه, كما أنّ مُخَيَّم السِّحر عند أقلامه, لمَا زَلَقتُ مِن شاهِق الإنصاف إلى حضيض الاعتساف.
وقال أيضا فيه: أحدُ الأئمة في الأدب واللغة, ومَن لَم يكن له في فنّه نظيرٌ في عَصره, فاق أهل زمانه بالذّكاء والفصاحة وتَنمِيق العبارة وتَجنِيسها, وكان فيما يُذكَر غنيًّا كثيرَ المال.
قال ياقوت الحموي: كان غايةً في الذَّكاء والفِطنَة والفَصاحَة والبَلاغَة، وله تصانيف تشهد
[1] انظر للترجمة "معجم الأدباء", و"وفيات الأعيان", و"طبقات الشافعية الكبرى".
[2] نسبة إلى صناعة الحرير أو بيعه.
[3] وهي بُليدة فوق "البصرة", كثيرةُ النخل موصوفة بشدة الوخَم, و½الوخَم¼ تعفّن الهواء المورث للأمراض الوبائية, ويقال: إنه كان للحريري بها ثمانيةَ عشر ألف نخلة، وإنه كان من ذوي اليسار.
[4] "بنو حرام" قبيلةٌ من العرب سكنوا بـ"البصرة", وبالنسبة إليها يقال له: ½الحَرامي¼ أيضاً.