عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

المقامة الخامسة: وتُعرَف بالكُوفِية [1]

حَكى الحارثُ بنُ همّامٍ قال: سمَرْتُ بالكوفَةِ في ليلَةٍ [2] أديمُها ذو لوْنَينِ, وقمرُها كتَعْويذٍ من لُجَينٍ, معَ رُفقَةٍ غُذوا بلِبانِ البَيانِ [3], وسحَبوا على سَحْبانَ ذيْلَ النّسْيانِ, ما فيهِمْ إلا مَنْ يُحْفَظُ عنْهُ [4] ولا يُتَحفَّظُ منْهُ, ويَميلُ الرّفيقُ إليهِ [5] ولا يَميلُ عنهُ,....................................


 



[1] قوله: [المقامة الخامسة: الكُوفِية] وهي تتضمّن وقوف أبي زيد بباب بيت يطلب منه القرى ومجاوبته له. (المطرّزي)

[2] قوله: [سمَرْتُ بالكوفَةِ في ليلَةٍ...إلخ] ½السمر¼ الحديث بالليل, و½السامر¼ الجماعة يتحدّثون بالليل, ومنه قوله تعالى: ﴿سَٰمِرٗا تَهۡجُرُونَ[المؤمنون:٦٧], والمسامرة كالسمر, وأصل الكلّ من السمَر وهو سواد الليل, و½الأديم¼ وجه الأرض, وأراد بقوله: ½ذو لَونَين¼ أنّ بعضها مضيئ بالقمر وبعضها مظلم بغروبه, وإنما يكون ذلك في أوائل الشهر, ولذلك شبّه قمرَها لقلّة نوره بتعويذ من لُجَين, و½التعويذ¼ و½العُوذة¼ الحِرز, وهو تفعيل مِن ½عوّذتُه بكذا¼ أي: دعوت له بالحفظ, ثم جعل عبارة عن الشيء الذي يكتب فيه ما يتعوّذ به, و½اللجين¼ الفضّة, و½تعويذ اللُّجين¼ خَرَزُ فضةٍ يُستَعمل مستديراً استدارةَ القمر وبعض الدائرة فارغٌ فيُربَط في الدائرة خَيطٌ فيُعلَّق في أعناق الصِّبيان. (الشريشي, الرازي)

[3] قوله: [معَ رُفقَةٍ غُذوا بلِبانِ البَيانِ...إلخ] ½غذوا¼ أي: ربُّوا به وجُعل غذاءهم, ½غذوتُ الصبي باللِّبان¼ أي: ربّيتُه به, و½اللِّبان¼ للآدميات, و½اللبن¼ للآدميات وغيرهنّ, و½سَحبوا¼ جرّوا, و½سحبان¼ هو سحبان بن زفر الوائلي, وكان من البلغاء الفصحاء, وبه يضرب المثل في البيان والفصاحة, فيقال: ½أفصح من سحبان¼, و½ذيل النسيان¼ طرَفه, يريد: أنهم بفصاحتهم أنسَوا ذكر سحبان فكأنهم جرّوا عليه ثوب النسيان حتّى غطّوه فلم يذكره أحد من هؤلاء. وأصل ذلك أن يُسحب ذيل الثوب على أثر ليخفى. (مغاني, الشريشي)

[4] قوله: [يُحْفَظُ عنْهُ...إلخ] أي: يحفظ عنه فوائده ويستفاد عوائده, و½لا يحتفظ منه¼ أي: لا يتحرّز منه, وأصل التحفظ الاجتهاد في حفظ الشيء وقلّة الغفلة في الأمور, كأنه على حذر, فمعناه: لا يخاف منه جليسه أن يأخذ عليه في ذلّة تصدر منه عمداً فينقلها عنه أو يدّخرها عدّة ليصون عليه بها يوماً كما يفعله إخوانُ هذا الزمان. (مغاني, الرازي)

[5] قوله: [يَميلُ الرّفيقُ إليهِ...إلخ] ½مال إليه¼ إذا رغب إليه, و½ملتُ إلى فلان¼ إذا أحببته وتقرّبت منه, و½مال عنه¼ إذا ترك صحبته وكرهه, و½ملتُ عنه¼ إذا كرهته وبعُدتَ عنه, و½الرفيق¼ الصاحب يُرتفق به في السفر. (مغاني)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132