قد مان, فتأهّبوا للظّعَنِ [1], ولا تَلْووا على خضْراء الدِّمنِ, ونَهَضْتُ لأحدِجَ راحِلَتي [2], وأتحمّلَ لرِحلَتي, فوجدْتُ أبا زيْدٍ قد كتبَ على القَتَبِ:
يـا مَـنْ غَـدا لي سـاعِـداً |
| ومُساعِداً دونَ البَشَـرْ [3] |
لا تـحْـسَــبَـنْ أنّـي نـأَيْ |
| تُكَ عنْ مَلالٍ أو أشَـرْ [4] |
[1] قوله: [فتأهّبوا للظّعَنِ...إلخ] ½تأهّبوا¼ استعدّوا, و½الظعن¼ الرحيل, أي: استعدوا للسير, و½لا تلووا¼ أي: لا تعرّجوا ولا تقيموا, يقال: ½لوَى عليه¼ أي: أقام وعرّج, و½الدِّمَن¼ جمع دمنة وهي البعر وآثار الناس وما سوّدوا, وقال أبوعبيد: ½الدمنة¼ ما تدمِّنه الإبلُ بأبوالها وأبعارها أي: تلبّد, و½خضراء الدمَن¼ عُشْب المَزابِل, هي حسنة المنظر سيّئة المخبر, وإذا يبست لم يُنتَفع بعُودها لخوره وضعفه, فشبّه بها أبا زيد لحُسنِ ظاهره فيما أبدى لهم مَن فَصاحَته, وسوءِ باطنه في كذبه وإخلاف وعده, حتّى عطَّلهم عن سفرهم نهاراً في انتظاره, والمعنى: استعدّوا للرحيل ولا تقيموا على قولٍ ووعدٍ لا أصل له مثل البقول التي تنبت على المزابل فإنها سريعة الذبول. (مغاني, الشريشي)
[2] قوله: [نَهَضْتُ لأحدِجَ راحِلَتي...إلخ] ½نهضت¼ صيغة متكلّم من نهض أي: قمتُ, ½أحدِج راحلتي¼ أي: أجعَل عليها الحِدج, وهو مركب مِن مَراكب النساء, وأراد: هنا الرحل, أي: أشدّ عليه الرَّحل, و½الراحلة¼ الناقة الصالحة للركوب, وقيل: المَركَب مِن الإبل ذَكَراً كان أو أنثى, و½أتحمّل لرحلتي¼ أَهيّئُ رَحلي وأحمله للرحيل, و½القتَب¼ خشب الرَّحْل. وزيد في بعض النسخ بعده: ½حين شمّر للهرب¼ وليس في أكثر النسخ. (الشريشي الرازي بزيادة)
[3] قوله: [يا مَنْ غَدا لي ساعِداً...إلخ] ½ساعداً¼ أي: ذراعاً أستعين به, و½مساعداً¼ موافقاً ومعاوناً, و½دون البشر¼ أي: أنه اختصّ بذلك دون سائر البشر, ويحتمل أنه يختصّ بمساعدته ولم يساعد أحداً غيره. (الجوهرية)
[4] قوله: [لا تحْسَبَنْ أنّي نأَيْ...إلخ] ½لا تحسبن¼ بِنون التوكيد الخفيفة أي: لا تظن, ½نأيتك¼ بعدتُ عنك, و½عن¼ للتعليل, و½الملال¼ السآمة, و½أشَرٍ¼ مصدر أشِر أي: بطر, يقول: لا تظن أني بعدتُ عنك لأجل السآمة أو التكبر. (الشريشي, الجوهرية)