عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

الشَّهَواتِ [1] إلى سُوقِ الشُّبُهاتِ, كما نستغْفِرُكَ مِنْ نقْلِ الخُطُواتِ [2] إلى خِطَطِ الخَطيئَاتِ, ونَسْتَوْهِبُ مِنْكَ توفيقاً قائِداً [3] إلى الرُشْدِ, وقَلْباً متقلِّباً معَ الحقّ [4], ولِساناً متحلّياً بالصّدْقِ,


 



[1] قوله: [ونستغفرك منْ سَوْقِ الشَّهَواتِ...إلخ] نسألك المغفرة, و½السَوق¼ مصدر ساقه أي حثَّه على السير من الخلف, و½السُوق¼ الموضع الذي يُجلَب إليه المتاع للبيع, سُمّي سوقاً لسَوق الناس إليه, أو لقيامهم على السُّوق, وعن محمد بن واسِع قال: قدِمتُ مكّة فلقِيتُ بها أخي سالمَ بن عبد الله فحدّثَني عن أبيه عن جَدّه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن دخَل السُّوق فقال: ½لا إله إلاّ الله, وحده لا شريك له, له المُلْك وله الحَمدُ, يُحْيِي ويُمِيتُ, وهو حَيٌّ لا يَموت, بيَدِه الخَيرُ, وهو على كُلِّ شيءٍ قَدِير¼ كتب الله له ألف ألف حسَنة, ومَحا عنه ألف ألف سَيِّئة, ورفَع له ألف ألف درَجة)). قال: فَقدِمْتُ خُراسان فلقِيتُ قُتَيْبَة بن مسلم, فقلتُ: إنِّي أتَيتُك بهدية فحدَّثْتُه, فكان يَركب في موكبه فيأتي السُّوقَ فيقوم فيقولُها ثم يرجع. و½الشبهات¼ جمع ½شبهة¼, وهي ما يشتبه عليك أمرُه, وأراد بها مواضع الشّك والريبة. اللهمّ! نطلب منك العفو والغفران, لأني كتبت ما اشتهيتُ من المقامات, ولستُ أستيقن أني أثاب عليه أو أعاقَب, فكأني سقتُ الشهوات إلى سوق الشبهات ودخلت في أرض الخطيئات. (مغاني, الشريشي, المصباحي)

[2] قوله: [مِنْ نقْلِ الخطوات...إلخ] ½الخطوات¼ جمع خُطوة بالضمّ وهي ما بين القدمين من المسافة والبُعد, وأراد بها القدمين مجازاً, و½الخِطَط¼ جمع الخِطّة وهي الأرضُ التي جعلت فيها علامات, و½الخطيئات¼ الذنوب, وهي مِن الخطأ, لا يخفى ما في قوله: ½سوق الشهوات¼ من الاستعارة بالكناية, حيث شبّه الشهوات بالمركوب ورمَز إليه بقوله: ½سوق¼ وجانس بين ½سَوق¼ و½سُوق¼ وبين ½شهوات¼ و½شبهات¼ وبين ½خطوات¼ و½خطيئات¼ جناساً ناقصاً. (الشريشي, المصباحي)

[3] قوله: [نستوهب منك توفيقاً قائِداً...إلخ] أي نطلب أنْ تهبنا وتعطينا, وهبه هبةً أعطاه, و½التوفيق¼ توجيه الله تعالى الأسباب إلى الخير وإلهامه الخير, و½الرَّشَد¼ و½الرُّشْد¼ خلاف الغَيِّ، يُستعمَل استِعمال ½الهداية¼، وقال الله تعالى: ﴿قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَيِّۚ [البقرة:٢٥٦], وقال بعضُهم: الرَّشَد أخصّ مِن الرُّشْد، فإنَّ الرُّشْد يقال في الأمور الدُّنيويّة والأخرويّة، والرَّشَد يقال في الأمور الأخرويّة لا غير, والرّاشِد والرَّشيد يقال فيهما جميعاً، قال تعالى: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلرَّٰشِدُونَ [الحجرات:٧]، ﴿وَمَآ أَمۡرُ فِرۡعَوۡنَ بِرَشِيدٖ [هود:٩٧]. (المصباحي, المفردات)

[4] قوله: [متقلّبا مع الحق...إلخ] أي: لا يستقرّ في الباطل بل يتقلّب مع الحقّ أينما كان, ½متحلّيا بالصدق¼ أي: متزيِّنا به, و½مؤيداً¼ مُعاناً, و½الحجة¼ البرهان, و½الإصابة في المنطق¼ أن يتكلّم بالصواب, و½ذائدة¼ أي: دافعة وطاردة, مِن الذود, وهو الطرد والدفع, ومنه قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمۡرَأَتَيۡنِ تَذُودَانِۖ[القصص:٢٣] أي تكفّان عنهما وتمنعان, و½الزيغ¼ الميل عن الاستقامة, و½زاغ عن الحقّ¼ مال عنه إلى الباطل. (مغاني, الشريشي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132