بزَواجِرِ وعْظِهِ, وقدْ أحاطَتْ بهِ أخلاطُ الزُّمَرِ [1], إحاطَةَ الهالَةِ بالقَمَرِ, والأكْمامِ بالثّمرِ, فدَلَفْتُ إليهِ [2] لأقْتَبِسَ من فوائِدِه, وألْتَقِطَ بعْضَ فرائِدِه, فسمِعْتُهُ يقولُ حينَ خبّ في مجالِه [3], وهَدَرَتْ
[1] قوله: [وقدْ أحاطَتْ بهِ أخلاطُ الزُّمَرِ...إلخ] منصوب محلاً على الحالية, و½أحاطت¼ حلّقت, و½أخلاط¼ أصناف مختلطون, و½الزُّمَر¼ الجماعات, و½أخلاطُ الزُّمَر¼ أي: الجماعات المختلطة المختلفة الأجناس, و½الهَالة¼ الدارة حول القمر من نوره, و½الطُّفاوَة¼ الدارة حول الشمس, و½الساهور¼ هو غلاف القمر الذي يستتر فيه ما نقص منه, و½الأكمام¼ جمع ½كِمّ¼ وهي غلُف الثمر التي تدار عليه, تمنعه من السقوط والغبار, وقيل: الأكمام أوعية الثمر التي يخرج منها, وسمّي كِمًّا؛ لأنه يستر ما تحته, وفي التنزيل: ﴿وَٱلنَّخۡلُ ذَاتُ ٱلۡأَكۡمَامِ﴾ [الرحمٰن:١١], و½الثمر¼ حمل الأشجار. (الشريشي, الواسطي)
[2] قوله: [فدَلَفْتُ إليهِ..إلخ] أي: تقدّمتُ وقربتُ, و½الدليف¼ المَشي الرُّوَيد, وهو فوق الدَّبيب, يقال: ½دلَف الشيخ¼ إذا مشى وقارب الخطوات, وأصل ½الدلف¼ الدنو والتقدّم, و½لأقتبس¼ لأستفيد وأتعلّم, و½لقَط الشيء¼ والتقطه, أي: أخذَه من الأرض, ويقال: ½لكلِّ ساقطةٍ لاقطةٌ¼ أي: لكلّ ما ندر من الكلام سامع يسمعه ويُذيعه, و½فرائد¼ جمع فريدة وهي النادرة تنفرد عن نظائرها, يقول: كان الناس قد اجتمعوا حوله في صورة الهالة أو في صورة غلاف الثمر فتقدّمتُ إليه رويداً كي أقتبس من فوائده وآخذ بعض كلماته وعظاته. (مغاني, المصباحي)
[3] قوله: [خبّ في مجالِه...إلخ] أي: أخذ في كلامه, و½الخبب¼ ضربٌ من العَدو, وهو مثلُ الرَّمَل, و½المجال¼ مكان الجولان, وهو الدوران والطواف, واستعاره ههنا للكلام, و½هدرت¼ صوّتَت وصاحت, و½هدر البعير¼ هديرا, ردّد صوته في حَنجَرَته, و½شقاشق¼ جمع شِقشِقة, وهي النُّفاخة يخرجها فحلُ الإبل من حلقه عند هياجه ورغائه ويرجع فيها هديره, شبّه الفصيح بالفحل الهادر وشبَّه صوته حين يرفعه ويزجر به الناس بصوت البعير يهيج ويتابع الهدير, والعرب تشبه الفصيح بالفحل الهادر, فتقول: ½فلان ذو شِقشِقة¼ و½فلان شقشقة قومه¼ أي: فصيحهم وشريفهم, و½ارتجال النثر والنظم¼ التكلّم بها بديهيّا من غير تهيئة له واعداد قبل التكلّم, يقال: ½فلان ارتجل الكلام¼ أي: تكلّم من غير تهيئة. (مغاني, الشريشي)