عنوان الكتاب: أهمية الوقت

أموالي، فأتى بشيءٍ كثيرٍ من الخيل والإبل والرَّقيق وغيره، فلمَّا نظر إليه بكى تحسُّرًا عليه، فرآه ملك الموت وهو يبكي، فقال له: ما يُبكيك؟ فوالّذي خولك ما أنا بخارجٍ من منزلك حتّى أُفرِّق بين روحك وبدنك.

قال: فالمهلة حتّى أفرِّقه.

قال: هيهات! انقطعتْ عنك المهلة! فهلَّا كان ذلك قبل حضور أجْلك؟ فقبض روحه[1].

إخوتي في الله! هذه قصّة هامّة، فيها عظة وعبرة، خاصَّة للغافلين الذين يبذلون قصارى جهدهم في جمع الأموال والكنوز، مع أنّهم يملكون الكثير منها، ولكنّهم لا يشبعون ممّا لديهم من الأموال والأملاك، بل ولا يقلُّ حرصهم وطمعهم فيها، بل يزيدون طمعًا وحرصًا مع تقدُّمهم بجمعها فلا يزالون يقولون: "هل من مزيدٍ؟".

وهنا يجب أنْ ننتبه: أنَّ جمع المال والإكثار منه في الشرع الحنيف ليس مذمومًا مطلقًا، وإنَّما المذموم فيه هو ما لا نؤدِّي حقوقه الواجبة مِن الزكاة والصدقة، والمذموم أنْ يلهينا عن العمل بأحكام الشريعة والأعمال الصالحة، ويغفلنا عن الموت والقبر والحشر، لذلك علينا أنْ نفهمَ أهمّيّة الوقت وقدره في الحياة، وأنْ نأخذ من المال الحلال ما لا بدَّ منه لنعيش الحياة، ولْنعلمْ أنّنا سنُسأل عنه أيضًا قليلًا كان أو كثيرًا،


 

 



[1] "إحياء علوم الدين"، كتاب ذكر الموت وما بعده، ۴/۲۱۵.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

32