إخوتي الأحبّة! لا شكّ أنَّ تعظيم المشايخ سببٌ مِن أسباب نجاة المذنبين في الآخرة، كما أنَّ الإساءة إليهم تستوجب هبوط الأعمال وردّها؛ لأنَّ سوء الأدب مع الكبار مِن أعمال الشيطان، ولذلك قد أخزاه الله تعالى وطرده، ولم يكن قبل من الكافرين، وقد عبدَ اللهَ تعالى لآلاف السنين، وكان من الجنِّ، وأصبح معلِّم الملائكة من أجل عبادته وعلمه، ولكنْ لَمَّا عصى وتكبَّر وأساء إلى سيّدنا آدم عليه الصلاة والسلام بطلت عباداته الَّتي سبقت كلّها، واستوجب الخزي والذلّة ولعنة الله ونار جهنَّم.
إخوتي الأحبّة! في التأدُّب مع الكبار واحترامهم فوائد لنا، وقد أنشد أحدهم:
مَا وَصَلَ مَنْ وَصَلَ إِلَّا بِالْحُرْمَةِ***** وَمَا سَقَطَ مَنْ سَقَطَ إِلَّا بِتَرْكِ الْحُرْمَةِ
أيها الأحبّة! أساتذتنا الكرام أيضًا هم من كبارنا، وكان سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى يتأدّبون مع أساتذتهم ويحترمونهم، ويأخذون العلم عنهم بالأدب مع غضّ الطرف احترامًا وهيبة، ويستمعون إليهم، حتَّى وصلت شدّة الأدب عند بعضهم أنَّه يعتبر الردُّ على السؤال في حياة أستاذه من سوء الأدب، فتعالوا نستمع إلى قصَّتين حول ذلك:
(۱) قال سيّدنا معاوية رضي الله تعالى عنه لرجلٍ من قريشٍ: إذا دخلتَ مسجد رسول الله ﷺ، فرأيتَ حلقةً فيها قومٌ كأنَّ على رؤوسهم