والملتزمة بالدِّين بأنّها رجعيَّة ومتخلّفة استهزاءً بها، في حين أنّ النساء المتبرِّجات السافرات الناشرات للفواحش يَلقين اهْتِمامًا كبيرًا.
بل إذا كان هناك مَن يتمسّك بالسُّنَّة النبويّة ويلبس العمامة ويعفي لحيته فيذهب إلى حفلة ويبتعد عن النَّظر إلى الحرام، فترى هناك من يستهزئ به من النَّاس، ويقدحون في عرضه، ويقول له بعضهم: اخْلَع هذه العمامة، والبعض يقول: اتْرُك ذلك كلَّه، نحن نعرف أنَّك متديّن ومتشدّد! وكذلك يستهزؤون بالمرأة المتحجّبة، ويقولون لها: لقد تطوّر العالَم، وأنتِ ما زلتِ بهذا الأسلوب القديم، لا يوجد مثل هذه التشدّد في ديننا.
قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: ﴿وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ﴾ [الأحزاب: ۳۳].
قال الإمام الخازن رحمه الله في تفسير قوله تعالى ﴿وَلَا تَبَرَّجۡنَ﴾: قيل: هو إظهار الزِّينة وإبراز المحاسن للرِّجال، وأمّا قوله: ﴿ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ﴾ فإنّ أهل التّأويل اختلفوا فيه، فقال بعضهم الجاهليّة الأولى: ما قبل الإسلام، كانت المرأة تتّخذ الدَّرع من اللُّؤلؤ، فتلبسه وتمشي به وسط الطريق، ليس عليها شيء غيره، وتعرض نفسها على الرِّجال، والجاهليّة الأخرى: قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان[1].