(٣) ويقولون: لا بدّ لنا من الموت وهم يعملون أعمال مَنْ لا يموت، وهذا أيضًا خلاف قولهم.
فانظر لنفسك أخي! بأيّ بدنٍ تقف بين يدي الله!؟ وبأيّ لسانٍ تُجيبه!؟ وماذا تقول إذا سألكَ عن القليل والكثير!؟ فأعِدْ للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا، واتّقوا الله! إنَّ الله خبيرٌ بما تعملون أيْ: من الخير والشرّ.
ثمّ وعظ المؤمنين بأنْ لا يتركوا أمرَه وبأنْ يوحّدوه في السرّ والعلانية[1].
أيها الإخوة الأعزّاء! نحن اليوم نبذل الكثير من الجهود من أجل الدّنيا، ولكنّنا ما زلنا غافلين عن همّ الآخرة، ونحلم بأنْ نصبح أغنياء، ونتجوّل في سيّارات فاخرة، ونتتبّع الموضات الجديدة، ونسينا الموت وما يعدّه من القبر وظلماته، والحشر وساحاته، والحساب وأهواله، نسينا أنّنا سنغادر هذا العالم الضاحك ببضاعة المعاصي والمخالفات، مَن منّا يعرف متى سيموت!؟ ربّما هذه اللّيلة هي آخر ليلة في حياتنا! ليس لا نضمن ولا نتمكّن من أخذ نفَس، من الممكن أنْ يكون النَّفَس الذي نأخذه هو الأخير، ولن يكون هناك وقت لأخذ نفَس آخر، لولا لطف الله تعالى، كلّ يوم نسمع أنّ فلانًا كان بصحّةٍ جيّدةٍ، وفيما يبدو لم يكن يُعاني من أيّ مرض خطير، ولكن فجأة أصيب بنوبةٍ قلبيّةٍ ثمّ مات فجأة ودخل القبر المظلم.