أصلّي ركعتين طويلتين قد اقترن الاعتقاد فيهما بالإخلاص، أدعو الله سبحانه بأسمائه العظام وكلماته الرفيعة لكشف الضرّ وسياقة الفرج، فلم أفرغ بعد عن إتمام الصلاة حتى دخل المسجد شابٌّ، حسن الوجه، نظيف الثوب، طيب الرائحة، يتّبعه خادم في يده منديل فقال: مَن منكم الحسن بن سفيان؟
فرفعتُ رأسي من السجدة فقلت: أنا الحسن بن سفيان، فما الحاجة؟
فقال: إنّ الأمير بن طولون صاحبي يقرئكم السلام والتحيّة، ويعتذر إليكم في الفضلة عن تفقّد أحوالكم، والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم، وقد بعث بما يكفي نفقة الوقت وهو زائركم غدًا بنفسه، ويعتذر بلفظه إليكم، ووضع بين يدي كلّ واحد منّا صرّة فيها مائة دينار، فتعجّبنا من ذلك وقلنا للشابّ: ما القصّة في هذا؟
فقال أنا أحد خدم الأمير بن طولون المختصّين به، والمتّصلين بإقرائه وخواص أصحابه، دخلتُ عليه بكرة يومي هذا مسلّمًا في جملة أصحابي، فقال لي وللقوم: أنا أحبُّ أنْ أخلو يومي هذا فانصرفوا أنتم إلى منازلكم.
فانصرفتُ أنا والقوم، فلمّا عدتُّ إلى منزلي لم ينسق قعودي حتّى أتاني رسول الأمير مسرعًا مستعجلًا يطلبني حثيثًا، فأجبتُه مسرعًا فوجدته منفردًا في بيت، واضعًا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل جسده، فقال لي: أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه؟