وفضيل بن عياض وبشر بن الحارث رضي الله تعالى عنهم، وكانوا في مجالسهم يجيبون عن بعض، ويسكتون عن بعض، ولم يكونوا يجيبون في كلّ ما يُسْألون عنه»[1]. وقد سئل مرّةً سيدنا الإمام الشعبي رحمه الله تعالى، عن مسألة، فقال: «لا أدري»، فقالوا له: ألا تستحيي من قولك: «لا أدري»، وأنت عالم العراق؟ فقال: إنّ الملائكة عليهم الصلاة والسلام أكثر أدباً وعلماً منّا، ولم تستح من قولها: ﴿ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ ﴾ [البقرة: ٢/٣٢][2].
وعن ابن عون رحمه الله تعالى، قال: كنتُ عند القاسم بن محمد رضي الله تعالى عنه إذ جاءه رجلٌ، فسأله عن شيء، فقال القاسم: لا أحسنه، فجعل الرجل يقول: إنّي رفعت إليك، لا أعرف غيرك. فقال القاسم: لا تنظر إلى طول لحيتي، وكثرة الناس حولي، والله ما أحسنه. فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه: يا ابن أخي، الزمها، والله ما رأيتُك في مجلس أنبل منك اليوم. فقال القاسم: والله لأن يقطع لساني، أحبّ إليّ من أن أتكلّم بما لا علم لي به[3].