أضرار الألعاب الإلكترونية على الأطفال (الجزء الأول) | عبد الباسط محمد


نشرت: يوم الإثنين،13-نوفمبر-2023

أضرار الألعاب الإلكترونية على الأطفال (الجزء الأول)

لا شك أنّ الطفولة من أهم مراحل حياة الإنسان، ولا سيما في المجتمعات العربية الخِصبة بهذه الفئة العمرية، وفي مرحلة الطفولة ترتسِمُ ملامح حياته المستقبلية، ويتزوّد من المعلومات التي تفيده في حاضره ومستقبله، ومن أهم الممارسات التي تشكل عقليّة الطفل بشكل عام الألعاب الترفيهية، لأنّ الأطفال مجبولين على حبّ اللّعب من ناحية، ومن ناحية أخرى إسهام الألعاب واللّعب في تنمية المهارات الحسيّة والحركيّة والفكريّة لديهم.

ومن أهمّها الألعاب الإلكترونية، التي انتشرت انتشارًا واسعًا في كلِّ مكان، فلا يكاد يخلو منها بيت! سنبحث موضوع الألعاب الإلكترونية وأثرها على الأطفال والمراهقين، من خلال هذه الأسطر وبطريقة حواريّة (سؤال وجواب) بين الأستاذ وبعض تلاميذه من الصفّ السابع.

دخل أستاذ المعلوماتية إلى الصف السابع في حصّة تعليم الحاسوب (المعلوماتية) ودار بينه وبين تلاميذه الحوار التالي:

قام أحد الطلاب قائلاً: أستاذي الفاضل، انتشرت اليوم بشكل كبير الألعاب الإلكترونية، فما رأيك أن تحدّثنا عن أضرار هذه الألعاب؟ وأن توجّه لنا بعض النصائح في هذا الخصوص؟

المعلّم: طبعًا وبكلّ سرور، نتعاون على ذلك إن شاء الله تعالى.

المعلم: يتوجّه إلى الطلاب بسؤال: من منكم يعلم ما هي وسائل الترفيه في الزمن الماضي؟ وما هي وسائل الترفيه في زمننا الحاضر؟

قام سعد وقال: في السابق كان الرائي (التلفاز) والأتاري، هما الوسيلتان للترفيه، وبعض الألعاب التقليدية واليدوية، أما اليوم وبعد اكتشاف الحاسوب والجوّال، فأصبحت الألعاب الإلكترونية كثيرةً جدًّا فيهما، ولا يكادُ يخلو يوم أو أيّام إلّا وتنزل ألعاب جديدة، يمكن استخدامها على الجوال، الذي بين أيدينا.

المعلم: هذا صحيح.

من منكم يُعدّد لنا بعض الأضرار، التي لاحظها من خلال ممارسته لهذه الألعاب، أو لاحظها على بعض أصدقائه أو جيرانه من الذين يمارسون هذه الألعاب بشكل مُفرط؟

قام عمر فقال: إنّها تستنزف المال الموجود لديَّ، وأحيانًا على حساب حاجاتي الأساسيّة، وهذا ما يُعاني منه إخوتي وأصدقائي كذلك!

ثمّ قام جميل وقال: أمّا أنا فشعرت بالإدمان عليها منذ مارستها، فأحسُّ بأنّها تجذبني كالمغناطيس! ولم أعد أستطيع التّفلُّتَ منها بسهولة!

ثمّ قام ماجد وقال: صرتُ أشعرُ بأوجاعٍ في جسدي، وخاصةً من المفاصل والرقبة، وكذلك عينايَ لم أعد أرى بهما بشكل جيد!

المعلم: هل من أضرار أخرى لاحظها بعضكم؟

قام يوسف: وقد احمرَّ وجهُهُ خجَلاً وقال: في الحقيقة يا أستاذي! منذ ممارستي لهذه الألعاب أصبحت أشعرُ بالغضب لأتفهِ الأسباب، ومنذ مدّة طويلة لم أزرْ بيت جدّي وبعض أقاربي، بسبب الوقت الذي يضيع على هذه الألعاب.

المعلم: حسنّا، طلابي الأعزاء، ما ذكرتموه صحيحًا، ويحتاج إلى شيءٍ من الإضافة والشرح.

ما رأيكم أن نلخِّص هذه السلبيات التي ذكرتموها على السبورة، ونضيف عليها بعض المخاطر الأخرى، التي ربّما غابت عن أذهانكم، لنستشعر هذه المخاطر والسلبيّات، ثمّ ننتقل بعد ذلك إلى المحاولة الجادّة في التخفيف منها، أو حتى الإقلاع عنها.

فقام المعلم: وكتب على السبورة، "سلبيّات الألعاب الإلكترونيّة":

من خلال هذه الفقرات التالية، مستعينًا بمشاركة تلاميذه الذين عرفوا خطورة هذا الأمر، وشاركوا أُستاذهم الرأي في سلبياته:

أولاً: المخاطر الصحيّة التي تظهر على الممارس لتلك الألعاب:

حيث أظهرت دراسة جديدة أن استخدام الأطفال للألعاب الإلكترونية، لأكثر من ساعة يومياً يؤدي لزيادة خطر الإصابة بآلام الرسغ والأصبع، وتضمنت الدراسة 171 طفلاً تتراوح أعمارهم من 7 إلى 12 عامًا، وأظهرت النتائج أن 50 % منهم يمارسون تلك الألعاب حوالي نصف ساعة يوميًّا، أمّا ثلثهم فيستخدمونها لفتراتٍ تتراوح من ساعة إلى ساعتان يومياً، وأنّه كلّما طالت فترة الاستخدام، كلّما زادت الآلام خصوصًا بالنسبة للصغار؛ لأنّ عضلاتهم وأوتارهم ما زالت في طور النمو.

ثانيًا: تعويد الأطفال على العنف:

والميل إلى ممارسته واستخدامه كوسيلة أساسيّة للتعاطي مع أي مشكلة تواجه الطفل الذي يمارس هذه الألعاب، وتشيرُ دراسة أمريكيّة إلى أنّ ممارسة الأطفال لألعاب الفيديو التي تتّسم بالعنف تجعلهم عدوانيين بشكل أكبر.

ثالثاً: العزلة الاجتماعية والميل إلى الانطوائية:

فيصير الشاب أو المراهق أسيرًا لتلك الألعاب لدرجة قد تصل إلى عدم مغادرته لغرفته التي أصبحت البيئة الأكثر قدرةً على احتوائه، وإفراغ طاقاته.

رابعًا: تأثيرها السلبي على حياة الشخص العمليّة والدراسيّة:

بحيث ينغمس المتعلقون بهذه الألعاب، والمدمنين على الوسائل التقنيّة، وتكون شغلهم الشاغل! وسيشعر بنوعٍ من الغضب، إن حاول أحدهم تكليفه بأيّ شيءٍ أثناء فترة لعبه! وقد يصل هذا إلى حدّ تأخّره عن عمله أو غيابه أحيانًا، وإهماله لواجباته المدرسيّة.

خامسًا: عدم إدراك الآباء بشكل خاص وقلّة وعي أولياء الأمور بشكل عام لِما تحويه بعض تلك الألعاب من سلبيات:

ومما يفاقم المشكلة أنّ الآباء هم من يشتري تلك الألعاب! أو يمنحون الأموال لأولادهم لشرائها! وهنا لا نتحدث في العموم ولكن هذا في الغالب.

سادسًا: الأنانيّة والذاتيّة المُفرطة:

بحيث يفعل المدمن عليها أيّ شيء في سبيل تحقيق رغباته في ممارسة اللّعب، أو الحصول على نوعٍ محدّد من هذه الألعاب، وقد يستخدم العنف ولا تهمُه النتائج المُترتِّبة على ذلك.

سابعًا: تعليم الناشئة احتقار الأعراف والتقاليد والأنظمة:

بسبب مخالفة معظمها لتعاليم الدين الحنيف، حيث يتعامل معها الأطفال بشكل إيجابي، فتنغرس في ذهنه، فيُروِّجُ لها، من غير تفكيرٍ أو مراعاةٍ للأعراف والدّين!

ثامنًا: عدم إدراك وسائل الرقابة المختلفة ما تُمَثِّلهُ بعض تلك الألعاب المختلفة من أخطار على الفرد والمجتمع:

فعلى الرغم من قيام الجهات المختصّة بوضع ضوابط وأنظمة صارمة للكثير من الوسائل الإعلامية، ومنعها لنشر ما يُخِلُّ بالآداب، وما يتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف إلى حدٍّ لا بأس به، إلّا أنّه يعتبر غير كافياً لمنع ما تحويه تلك الألعاب من أخطار ومفاسد على الفرد والمجتمع.

وأمّا الحديث عن بعض المخالفات الشرعية والأخلاقية لهذه الألعاب، وخطرها على الفرد والمجتمع، وأهم الحلول والتوصيات المقترحة من قِبل المختصين للتخفيف والحدِّ من تأثيرها، فسيكون حديثنا عنه في الجزء الثاني من العدد القادم من هذه المجلة بإذن الله تعالى.

نسأل الله تعالى أن نكون على قدْرِ المسؤولية في التخفيف من آثار هذه المشكلة التي تواجهنا، على اختلاف مراكزنا، كآباء وأمهات وأولياء أمور وطلاب علمٍ، ومربّين، إنّه سميعٌ مجيب.

لقراءة الجزء الثاني اضغط هنا


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية

تعليقات



رمز الحماية