ووَحدتَه وضَيقَه ووَحشتَه، ولِلأسَفِ نُنفِقُ كلَّ جُهودِنا في إصلاحِ الدنيا، وقَلَّ ما نجِدُ مَن يَهتمُّ بآخِرتِه.
فَكِّرُوا قليلاً أيُّها الإخوَةُ فِيمَن مضَى مِن الأغنِياء الذين نَسَوا ظُلمَةَ القَبرِ ووَحدَتَه بحُبِّ المالِ والجاهِ والسُّلطَةِ والْخَدَمِ والْحَشَمِ، والأُنسِ بالأُسرةِ والأصحابِ والأحبابِ، وأتاهُمْ الْمَوتُ فَجأةً فانقَطعَتْ آمالُهم وأصبَحَتْ بُيوتُهم مَهجُورةً، ونُقِلُوا مِن القُصُورِ إلى القُبورِ، ومِن ضِياء الْمهودِ إلى ظُلمَةِ اللُّحودِ، ومِن أُنْسِ الْعِشرةِ إلى وَحشةِ الوَحدَةِ.
خداع الدنيا
اَلْحَسرةُ على ذلك الشَّخصِ الذي يرَى ويَعلمُ ما في الدنيا، وبالرَّغمِ مِن ذلك يَغتَرُّ بمَتاعِها ويَغفُلُ تَمامًا عن الموتِ، نَعَمْ الحسرةُ والتَّعاسَةُ على مَن يَغتَرُّ بالدنيا ويَنسَى الموتَ ووَحشةَ القَبرِ ولا يَعمَلُ ما يُرضِي اللهَ سبحانه وتعالى، فاللهُ سبحانه وتعالى يُنبِّهُنا على ذلك فيقول في سورةِ فاطِرٍ:
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ ٥ [فاطر: ٣٥/٥].