بشَبابِهم؟ أينَ الْمُلوكُ الَّذِين بَنَوا الْمَدائِنَ وحَصَّنُوها بالحِيطان؟ أينَ الَّذِين كانوا يعطون الغَلبَةَ في مَواطِنِ الْحَربِ؟ قد تَضَعضَعَ أركانُهم حِينَ أضنَى بِهم الدَّهرُ وأصبَحُوا في ظُلُماتِ القُبورِ، الوَحا الوَحا، ثم النَّجا النَّجا»[1].
أعدّوا لآخرتكم من الآن
أيّها الإخوة الأعزّاء الكِرام! أرأيتم كيف أنّ سيِّدَنا أبَا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله تعالى عنه يُوقِظُنا مِن سِنَةِ الغَفلَةِ ويُذكِّرُنا بأنّ الدُّنيا لا تَثبُتُ ولا تَستَقِرُّ على حالٍ واحِدٍ بل هي مُتقلِّبةٌ خَدَّاعةٌ، ويُخبِرُنا عن ظُلُماتِ القبرِ، ويُرغِّبُنا في الاستِعدادِ له ولِلحَشرِ، حَقًّا إنّ العاقِلَ مَن أَعَدَّ لِلمَوتِ قَبلَ حُلولِ الفَوتِ، وادَّخَرَ الْحَسَناتِ، وعاشَ على تَطبِيقِ سُنَنِ المصطفَى صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم حتَّى الْمَماتِ، وبذلك يُنوَّرُ قَبرُه، وإلاّ فالقَبرُ لا يُراعِي مَن يَدخُلُه سَواءٌ غنيٌّ أم فقيرٌ، وزيرٌ أم مُشِيرٌ، حاكِمٌ أم مَحكُومٌ، ضعيفٌ أم قويٌّ، ضابِطٌ أم مُوظَّفٌ، طبيبٌ أم مريضٌ، مُقاوِلٌ أم عامِلٌ، ومَن تَكاسَلَ