عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

أعمالُكَ؟ أو يُغْني عنْكَ ندَمُكَ, إذا زلّتْ قدَمُكَ؟ أو يعْطِفُ عليْكَ معشَرُكَ, يومَ يضُمّكَ مَحْشَرُكَ؟ هلاّ انتَهَجْتَ مَحَجّةَ اهتِدائِكَ [1], وعجّلْتَ مُعالجَةَ دائِكَ, وفَلَلْتَ شَباةَ اعتِدائِكَ [2], وقدَعْتَ نفْسَكَ فهِيَ أكبرُ أعدائِكَ؟ أما الحِمام ميعادُكَ [3] فما إعدادُكَ؟  


 



[1] قوله: [هلاّ انتَهَجْتَ مَحَجّةَ اهتِدائِكَ...إلخ] ½هلاّ¼ هي من كلمات التحضيض والتنديم, ولها أخوات: ½ألاّ¼ و½لولا¼ و½لوما¼ و½ألا¼, والفرقُ بينَ التحضيضِ والتّنديمِ، أنَّ هذه الأحرفَ، إن دخلت على المضارع فهيَ للحضِّ على العملِ وتركِ التهاوُنِ به، نحو: ½هَلاّ تَتُوبُ من ذنبِك¼, وإن دخلت على الماضي كانت لجعلِ الفاعلِ يندَمُ على فواتِ الأمر وعلى التّهاون به، نحو "هلاّ اجتهدتَ"، تُقرِّعهُ على إهمالهِ، وتُوبِّخهُ على عدَم الاجتهاد، فتجعلُهُ يندَمُ على ما فَرَّطَ وضيَّع. و½انتهج الطريق¼ أي: أوضحه واستبانه, و½نهجت الطريق¼ أي: أبنته وأوضحته, وأيضاً إذا سلكته, و½فلان يستنهج سبيل فلان¼ أي: يسلك مسلكه, و½النهج¼ الطريق الواضح, وكذلك المنهج والمنهاج, و½المحجّة¼ معظم الطريق ووسطه, مفعلة من الحجّ وهو القصد, و½اهتدائك¼ استقامتك, و½معالجة¼ مداواة. (مغاني, المطرزي بزيادة)

[2] قوله: [فَلَلْتَ شَباةَ اعتِدائِكَ..إلخ] ½فللت¼ كسَرت, و½قوم فلّ¼ أي: منهزمون, يستوي فيه الواحد والجمع, يقال: ½رجل فلّ¼ و½قوم فلّ¼, وأصل ½الفلّ¼ تباين الأجزاء المتّصلة بعضها عن بعض, و½فلّ السيف¼ ثلم حدّه, وشباة كلّ شيء: حدّه, والجمع شَبا وشَبَوات, و½الاعتداء¼ مجاوزة الحدّ في الظلم, ومنه قوله تعالى: ﴿فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ[البقرة:١٩٤] و½القدع¼ الكف باليد أو باللسان, وقيل: القهر, ومنه قول الحسن: ½اقدَعوا هذه النفوسَ فإنها طُلَعة¼ أي كفوها عما تتَطلَّع إليه من الشهوات, ولذا قيل: ½أعدى عدوّ لك نفسُك التي بين جنبَيك¼. (مغاني, الرازي)

[3] قوله: [أما الحِمام ميعادُكَ...إلخ] ½أما¼ حرف إخبار واستفتاح كـ½ألا¼, قاله الشريشي, والظاهر أنّ هذا استفهام تقريري, و"ما" نافية, و½الحِمام¼ الموت, و½الميعاد¼ حقيقة في المواعدة والوقت والموضع, وكذلك الموعد, وأراد به هنا الوقت, يعني الوقت الذي وُعدتَ به, أراد به الموعود باعتبار اطلاق المصدر الذي هو الميعاد على الموعود, كأنه قال: أما الحمام موعودك, ½ما اعدادك¼ أي: ما استعددتَ له, و½الإعداد¼ مصدر, ½أعدَّ للأمر¼ إذا هيّأ له ما يحتاج إليه من عُدّة, وكأنه أراد بالمصدر هنا المفعول أيضاً كأنه قال: فما الذي أعددتَه, يقول: الموت هو الذي أو أليس الموت الذي وُعدتَ به أن يأتيك ولا بدّ, فاستعدّ له أو فما استعددتَ له مِن أفعال البرّ. (الشريشي, الرازي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132