وبالمَشيبِ إنذارُكَ [1] فما إعذارُكَ؟ وفي اللّحْدِ مَقيلُكَ فما قِيلُكَ [2]؟ وإلى الله مَصيرُكَ فمَن نصيرُكَ؟ طالما أيْقَظَكَ الدّهرُ [3] فتَناعَسْتَ, وجذَبَكَ الوعْظُ فتَقاعَسْتَ!
[1] قوله: [بالمَشيبِ إنذارُكَ...إلخ] ½المشيب¼ الشيب, وقال الأصمعي: ½الشيب¼ بياض الشَعر, و½المشيب¼ دخول الرجل في حدّ الشيب من الرجال, و½الإنذار¼ الإعلام بالشيء الذي يُحذَر منه, وكلّ مَن عُمِّر ستِّين سنة فقد أنذره الشيب, وعن بن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: ((إذا كان يوم القيامة نودي أين أبناء الستين وهو العمر الذي قال الله تعالى: ﴿أَوَ لَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ﴾ [فاطر:٣٧], قال المفسرون: النذير هو الشيب ينذر بالموت, و½الإعذار¼ إقامة العذر, مصدر ½أعذر الرجل¼ إذا أتى بعذرٍ, ويُروى بفتح الهمزة, وهو جمع عذر, قال الرازي: وهكذا هو بخطّ المصنِّف, ولا يليق كسرها بهذا المكان. (مغاني الرازي)
([2]) قوله: [في اللّحْدِ مَقيلُكَ فما قِيلُكَ...إلخ] ½اللَّحْد¼ و½اللُّحد¼ الشَّقُّ الذي يكون في جانب القبر, و½لحَد الميتَ¼ و½ألحَده¼ شقّ له في جانب القبر, وأصل اللفظة المَيل, لأَنه قد أُمِيل عن وسَط القبر إِلى جانبه, و½مقيلك¼ مقامك, وأصله النوم في القائلة, قال الأزهري: ½القيلولة¼ و½المقيل¼ عند العرب الاستراحة نصف النهار إذا اشتدّ الحرّ وإن لم يكن مع ذلك نوم, و½القيل¼ بمعنى الحديث المقول والحجّة الواضحة, كالطِّحن اسم للدقيق المطحون, والذِّبح اسم للمذبوح, وفي التنزيل العزيز: ﴿وَقِيلِهِۦ يَٰرَبِّ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ قَوۡمٞ لَّا يُؤۡمِنُونَ﴾ [الزخرف:٨٨], و½مصيرك¼ رجوعك, و½نصير¼ معدول عن ناصر للمبالغة. يقول: ما لك من العذر وقد أنذرك الشيب, وما حجتك واللحد مقامك فمن نصيرك وإلى الله رجوعك. (مغاني, الشريشي بزيادة)
([3]) قوله: [طالما أيْقَظَكَ الدّهرُ...إلخ] ½ما¼ في ½طالما¼ و½قلما¼ كافة, بدليل عدم اقتضائهما الفاعلَ وتهيّئهما لوقوع الفعل بعدهما, وحقّها أن تكتب موصولة بهما, كما في ½ربما¼ و½إنما¼ وأخواتهما؛ للمعنى الجامع بينهما, كذا قاله المحقِّقون, و½أيقظك¼ نبّهك, ويقال: ½تناعس¼ أي: أظهر النعاس -وهو أول النوم- وليس به نعاس, وقيل: تغافل, أي: تكلّفتَ الغفلة, و½جذبك¼ جرّك, و½تقاعس¼ و½تقعّس¼ أي: تأخّر, و½جمل مقعنس¼ أي: يمتنع من أن يقاد, و½عزّ أقعُس¼ أي: ثابت يمتنع من مزيله لثباته. أي: نبّهك الدهر من فلم تنبّهتَ من الغفلة, وقادك الوعظ إلى الخير فلم تنقَد له. (مغاني, المطرزي بزيادة)