وتُغلِّبُ حُبّ ثوبٍ تشْتَهيهِ [1] على ثوابٍ تشْتَريهِ, يَواقيتُ الصِّلاتِ أعْلَقُ بقَلبِكَ [2] منْ مَواقيتِ الصَّلاةِ, ومُغالاةُ الصَّدُقاتِ آثَرُ عندَكَ من مُوالاةِ الصَّدَقاتِ, وصِحافُ الألْوانِ أشْهى إلَيْكَ [3]
[1] قوله: [وتُغلِّبُ حُبّ ثوبٍ تشْتَهيهِ...إلخ] و½تغلِّب¼ أي: ترجّج وتُؤثر, و½تشتهيه¼ أي: تشتدّ رغبتك فيه, و½الثواب¼ المكافأة على الفعل, وأراد به ما يجازي الله به عبادَه على إحسانه مِن الأجر, وهو مِن ثاب يثوب إذا رجَع, و½أثبتُ الرجلَ¼ أعطيتُه الثوابَ, وهو المكافأة على فعله, و½تشتريه¼ أي: تبادله بأعمالك الصالحة, والجارّ أعني ½على¼ صلة ½تغلب¼, قد جانس بين ½ثوب¼ و½ثواب¼ وأورد الاستعارة المصرّحة التبعيّة, استعار ½الاشتراء¼ للاستبدال, وفي التنزيل: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۖ﴾ [البقرة:٨٦]. (الشريشي, المصباحي)
[2] قوله: [يَواقيتُ الصِّلاتِ أعْلَقُ بقَلبِكَ...إلخ] و½الصِّلاة¼ -بكسر الصاد- جمع صلة وهي العطية, ويواقيتُها نفائسها, وهو جمع ياقوت بطريق الاستعارة, أي: نفائس العطايا, و½أعلق¼ ألصق, و½مواقيت¼ أوقات, وهي جمع ميقات, و½مغالاة الصدقات¼ أي: الزيادة في المُهور, و½غالى الشيءَ¼ اشتراه بثمن غال, و½الصَدُقات¼ جمع ½صدُقة¼ وهي مهر المرأة, ومنه قوله تعالى: ﴿وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةٗۚ﴾ [النساء:٤], وكذلك ½الصُدْقة¼ بضمّ الصاد وسكون الدال, و½الصداق¼ بفتح الصاد وكسرها, و½آثر¼ أحب وأفضل, قلتُ: وفيه نظر؛ لأنّ أفعل التفضيل أصله أن يبنى للفاعل من فعل ثلاثي وهنا بناه للمفعول من فعل رباعي, و½الموالاة¼ المتابعة, و½الصدَقات¼ جمع الصدَقة, وهي عطية يراد بها المثوبة, يقول: جواهر العطايا أكثر لصوقاً وتشبّثاً بقلبك من الأوقات المحدّدة للصلوة, والمبالغة في مُهور النساء أفضل في رأيك من متابعة الصدَقات. (الرازي, المصباحي)
[3] قوله: [وصِحافُ الألْوانِ أشْهى إلَيْكَ...إلخ] ½الصَّحْفَة¼ تشبه قَصْعَة عريضة تُشْبِع الخمسةَ ونحوَهم, والجمع ½صحاف¼, و½الصحيفة¼ الكتاب, والجمع الصُحُف والصحائف, ½الدُعابة¼ المُزاح, ½القِرن¼ الكُفُو والمِثل, يقال: ½فلان قرن فلان¼ إذا كان مثله في الشجاعة, والجمع ½الأقران¼ و½آنس¼ أكثر إيناساً, والمعنى: ألوان الأطعمة والشهوات أحبّ إليك من كتب الأديان والمزاح مع الأحباء والإخوان آنِس لك من قراءة القرآن, وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((سيكون رجال من أُمّتي يأكلون ألوان الطعام, ويشربون ألوان الشراب, ويلبسون ألوان الثياب, يتشدقون بالكلام, أولئك شرار أُمّتي)) وعن سهل بن عبد الله التستري, قال: أقيمت الصلوة ذات يوم وأنا آكل شهوة أشتهيها فآثرتُ الشهوة ثم قمتُ إلى الصلوة فإذا قار يقرأ: ﴿أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا﴾ [مريم:٥٩], فغدوت في طلبه فلم أجده, فجعلتُ على نفسي أن لا آكل ذلك الطعام. (مغاني بزيادة)