عنوان الكتاب: الإمام أحمد رضا خان مفخرة الإسلام

فكان رجلاً قوياً متمكناً من العلوم والمعارف، مستحضراً لها في تفاصيلها وجزئياتها، صاحب حجة وبرهان، كساه الله هيبة ووقاراً...

هذا في جانب دفاعه وحرصه على دين الله تعالى ورسالة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وأما مع أهله وإخوانه وأحبابه، فهو ذلك الرجل ذو الأدب والتواضع والحياء، الذي امتلأ قلبه محبة ودفئاً، فكانت حياته تشع جمالاً وبهاءً، فمن أحب الله تعالى الجميل الذي يحب الجمال، ومن عشق رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم السراج المنير، وسر الجمال في الكائنات، كان يقول: "لو شق قلبي وجُعل نصفين كان في الأول مكتوب لا إله إلا الله وفي الثاني محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم"...[1]

فمن كان هذا حاله فإنه لا يرى إلا الجمال ولا يصدر عنه إلا الجمال، ومن يتتبع شعر الإمام أحمد رضا رحمه الله تعالى، يجد الجمال والبهاء والصفاء والنقاء متجلياً ظاهراً...

عندما أراد الذهاب إلى الحج، كان قد بلغ من العمر الثانية والخمسين، فاستأذن والدته لتسمح له بالذهاب، وهو من هو في الرياسة والإمامة في العلم والإجلال من العلماء في سائر بلاد الإٍسلام...

كان محباً لإخوانه، حريصاً عليهم، ففي حجته الثانية وأثناء مقامه في مكة، تغيب عنه الشيخ صالح كمال المكي، ولم يره ليومين، فقال هذه الأبيات:

هذان يومان ما فزنا بطلعتكم

ولو قدرنا جعلنا رأسنا قدما

قالوا لقاء خليل للعليل شفا

ألا تحبون أن تبروا لنا سقما

عودتمونا طلوع الشمس كل ضحى

وهل سمعتم كريماً يقطع الكرما[2]

هذه أبيات جياد رقاق تنطق عن صفو المحبة وكرم الصحبة والعلاقة الواشجة بينه وبين إخوانه فهو لا يستطيع صبراً عن زيارة خليله له، بعد أن جمع الدين القويم بينهما في تلك المودة الصافية الدافقة.


 



[1] (سوانح الإمام أحمد رضا، صـ٩٦).

[2] (المنظومة السلامية في مدح خير البرية، صـ٤٧).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

20