قالَ حُجَّةُ الإسلاَمِ سيِّدُنا الإمامُ الْغَزَالِيُّ رَحِمَه الله تعالى: قال بَعْضُهم لِشَيخِهِ أبي عثمانَ الْمَغْرِبيِّ رحمه الله تعالى: إنَّ لِسَاني في بَعْضِ الأَحوالِ يَجْرِي بالذِّكْرِ وقَلْبِي غافِلٌ، فقالَ: اُشْكُر اللهَ إذا اسْتَعْمَلَ جارِحةً مِنْ جَوَارِحِكَ في الذِّكْر، فمَن فَتَرَتْ رَغْبَتُه عنِ العِباداتِ رَوَّجَ الشَّيْطانُ مَكِيدَةً عليه وخَيَّلَ إلَيْه: فأيّ خَيْر في الذِّكرِ باللِّسَانِ مَعَ غَفلَةِ القَلْب؟ فانْقَسَمَ الْخَلْقُ في هذِهِ الإجابَةِ إلى ثَلاثَةِ أَقْسامٍ: القِسم الأَوَّل: الَّذِينَ يَقُولُونَ لِلشَّيطان: لقَدْ ركَّزْتَ فِكرِي، الآن أُضِيفُ إلى حَرَكَةِ اللِّسانِ حَرَكةَ القَلب كَي أُرْغِمَ أنفَكَ، فهذا بمَثابَةِ نَثر الْمِلحِ على جُرحِ الشَّيطان، والقِسم الثَّانِي: الَّذِين يسْتَشْعرون خيلاء الفطنةِ ثُمَّ يَعجِزُون عَن الإخلاصِ بالقَلبِ فيَترُكُون مع ذلكَ تَعْوِيدَ اللِّسَانِ بالذِّكْرِ فيُسعِفُون الشَّيْطانَ ويتَدَلّون بحَبْلِ غُرُورِهِ، وأَمَّا القِسم الثَّالِث: فلا يَقدِرُون على إرغامِهِ بإشْرَاكِ القَلب في