عنوان الكتاب: فضائل العشر الأوائل من ذي الحجّة مع أحكام الأضحية

وأضاف العلّامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله قائلًا: فأباح الله عزّ وجلّ ذبح هذه البهائم المطيعة الذاكرة له لعباده المؤمنين، حتّى تتقوى بها أبدانهم وتكمل لذّاتهم في أكلهم اللّحوم، فإنّها مِنْ أجل الأغذيّة وألذّها مع أنّ الأبدان تقوم بغير اللّحم مِن النباتات وغيرها، لكن لا تكمل القوّة والعقل واللّذة إلّا باللّحم.

فأباح للمؤمنين قتل هذه البهائم والأكل مِن لحومها ليكمل بذلك قوّة عباده وعقولهم، فيكون ذلك عونًا لهم على علوم نافعة وأعمال صالحة يمتاز بها بنو آدم على البهائم وعلى ذكر الله، وهو أكثر مِن ذكر البهائم فلا يليق بالمؤمن مع هذا إلّا مقابلة هذه النعم بالشّكر عليها والإستعانة بها على طاعة الله وذكره، حيث فضّلَ اللهُ ابن آدم على كثير مِن المخلوقات وسخّر له هذه الحيوانات، قال الله تعالى: ﴿فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرۡنَٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٣٦[الحج: ٣٦].

فأمّا مَنْ قتل هذه البهيمة المطيعة الذاكرة لِلّه عزّ وجلّ ثمّ استعان بأكل لحومها على معاصي الله عزّ وجلّ ونسي ذكر الله عزّ وجلّ فقد قلب الأمر وكفر النعمة، فلا كان مَنْ كانت البهائم خيرًا منه وأطوع[1].

أيها الأحبّة! إنّ هذه الحيوانات التي تُذبح يوم النحر وتحمل في طياتها عِبرًا وعظاتٍ لنا، فلحومها تُؤكل بواسطة الأغنياء والفقراء على حدّ سواء،


 

 



[1] "لطائف المعارف" لابن رجب، وظائف شهر ذي الحجة، ص ٢٩٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

36