فيه، فغاصَ، ثم رجَع بعدَ ساعَةٍ، وقال: يا نبيَّ الله، إنّي غُصْتُ في هذا البَحرِ كذا وكذا، فلم أَصِلْ إلى قَعْرِه ولا وَجَدتُ فِيهِ شيئًا، فقالَ لِعِفْرِيتٍ آخَرَ: غُصْ في هذا البحرِ وائتِني بعلمِ ما تَجِدُ فيه، فغاص ثم رجَع بعدَ ساعَةٍ، وقال مِثلَ قولِ الأوَّلِ، إلاّ أنَّه غاصَ مِثلَ الأوّلِ مَرَّتَينِ، فقالَ لآصَفَ بنِ بَرخِيا: ائتِني بعلمِ ما في هذا البَحرِ، فجاءَ بقُبّةٍ مِن الكافُورِ الأبيَضِ، لها أربَعةُ أبوابٍ: بابٌ مِن دُرٍّ، وبابٌ مِن ياقُوتٍ، وبابٌ مِن جَوهَرٍ، وبابٌ مِن زَبَرجَدٍ أخضَرَ، والأبوابُ كلُّها مُفتَّحةٌ ولا يَدخُلُها قَطرةٌ مِن الماءِ، وهِيَ في داخِلِ البَحرِ في مَكانٍ عمِيقٍ، فوضَعَها بينَ يَدَي سيِّدِنا سليمانَ عليه السلامُ، وإذا في وَسَطِها شابٌّ حسنُ الشَّبابِ، نَقِيُّ الثِّيابِ وهو قائِمٌ يُصَلِّي، فدخَلَ سيِّدُنا سليمانُ عليه السلام القُبَّةَ، وسلَّمَ على ذلك الشَّابِّ، وقال له: ما أَنزَلَكَ في قَعرِ هذا البَحرِ؟ قال: يا نبيَّ الله، إنّه كان أبِي رجلاً مُقعَدًا وكانَتْ أُمِّي عَمياءَ، فأَقَمتُ في خِدمَتِهما سَبعِينَ سَنَةً، فلمَّا حَضَرَتْ وَفاةُ أُمِّي قالَتْ: اللّهمّ أَطِلْ حَياةَ ابْنِي في طاعتِكَ، ولَمَّا حَضرَتْ وفاةُ أبِي قال: اللّهمّ اِستَخدِمْ ولَدِي في مَكانٍ لا يكونُ لِلشَّيطانِ عليه سَبِيلٌ، فخَرَجتُ