أيها المسلمون: قد عَرَفنا أنَّ بِرَّ الوالِدَين والإحسانَ إلَيهِمَا وطَاعَتَهُمَا سَعادَةٌ عظيمةٌ جِدًّا، فإنْ رَضِيَا عَنْ وَلَدِهِمَا ودعَا له سَوفَ يَسعَدُ الوَلَدُ في الدَّارَينِ، وبَينَ أيدِيكُمْ قِصّةً إيمانِيَّةً:
قال سيِّدُنا أبُو يَزِيدَ البِسطَامِيُّ رحمه الله تعالى: طَلبَتْ أُمِّي ماءً فجِئْتُها بهِ، فوَجَدتُها نائِمةً فقُمتُ أنتَظِرُ يَقَظَتَها، فلمَّا اسْتَيقَظَتْ قالَتْ: أينَ الماءُ؟ فأَعطَيتُها الكُوزَ، وكانَ قَدْ سالَ الماءُ علَى أُصبُعِي فجَمَدَ عليها الماءُ مِن شِدَّةِ البَرْدِ، فلمَّا أَخَذَتْ الكُوْزَ اِنسَلَخَ جِلْدُ أُصبُعِي فسالَ الدَّمُ، فقالَتْ: ما هذا؟ فأَخبَرْتُها، فقالت: اللّهمّ إنِّي راضِيَةٌ عَنهُ فارْضَ عَنهُ[1].
صلّوا على الحبيب! صلّى الله تعالى على محمد
مَن أَدرَكَ أبَوَيهِ أو أحَدَهُمَا يَنبَغِي أن يُقبِّلَ يَدَهُمَا وقَدَمَهُمَا مَرّةً علَى الأقَلِّ يَومِيًّا، فإنَّ لِلوالِدَينِ مَكانَةً عالِيَةً ورُتبَةً سامِيَةً، يقولُ الرسولُ الكريمُ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم: «اَلْجَنَّةُ تَحتَ أقْدَامِ الأُمَّهاتِ»[2]، أيْ: أنَّ بِرَّ الوالِدَينِ سبَبٌ في دُخُولِ الْجَنَّةِ، وذُكِرَ في