مِن الْمَشايِخِ الكِبارِ وحَولَه تَلامِيذُه وَهو يَبكِي وقَد بَلَغَ أَرذَلَ العُمُرِ، فقُلتُ لَه: أيها الشَّيخُ، مِمَّ بُكاؤُك؟ أعَلى الدُّنيا؟ فقالَ: أَبكِي عَلى فَوتِ صَلاتِي، قُلتُ: وكَيفَ ذلك وقَد كنتَ مُصلِّياً؟ قال: لأَنِّي قد بَقِيتُ إلى هذا، وَما سَجَدتُ إلاَّ في غَفلَةٍ، وَلا رَفَعتُ رَأسِي إلاَّ في غَفلَةٍ، وها أنا أَمُوتُ عَلى الغَفلَةِ، ثُمَّ إنَّه تنَفَّس الصُّعَداءَ، وأَنشَدَ يَقُولُ:
تفكرت في حشري ويوم قيامتي |
وإصباح خدي في المقابر ثاويا |
فريداً وحيداً بعد عزٍّ ورفعة |
رهيناً بجرمي والتراب وساديا |
تفكّرت في طول الحساب وعرضه |
وذلّ مقامي حين أعطى كتابيا |
ولكن رجائي فيك خالقي |
بأنَّك تغفر يا إلهي خطائيا[1]. |
يدخل النار باكيا
أيها المسلمون! كَم فيها مِن عِبرةٍ لِمَن اعتَبَر! ولنَنظُر إلى عِبادِ الله الصَّالِحِين الَّذِين يَذكُرُون اللهَ في كُلِّ ساعَةٍ تمُرُّ بهم