عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

فَـدُونَـكُمْ ضَـيْـفـاً قَـنـوعـاً حُـرّا

 

يرْضَى بما احْـلَـوْلَى وما أمَرّا [1]

وينـثَـني عـنْـكُـمْ يـنُـثّ الـبِـرّا

قال الحارثُ بنُ هَمّامٍ: فلمّا خلَبَنا بعُذوبَةِ نُطقِهِ [2], وعلِمْنا ما وَراء برْقِه, ابتَدَرْنا فتْحَ البابِ [3], وتلَقّيناهُ بالتَّرْحابِ, وقُلْنا للغُلامِ: هيّا هَيّا, وهلُمّ ما تَهيّا! فقالَ الضّيفُ: والذي أحَلّني ذَراكُمْ [4],


 



[1] قوله: [فَدُونَكُمْ ضَيْفاً قَنوعاً حُرّا...إلخ] ½فدونكم¼ أي: خذوا, فهو منصوب على الإغراء, وهو من أسماء الأفعال, نحو: ½عليك زيدا¼ أي: الزم, و½قنوعاً¼ ذا قناعة, إذ القناعة كنز لا يفنى, و½حُرا¼ كريما, و½احلولى الشيء¼ أي: حلا, ويقال: ½أمرّ الشيء¼ ومرّ, إذا صار مُرًّا, والأوّل أفصح وإن كان يخالف قانون التصريف؛ لأنّ التوقيف مقدّم على القياس, و½ينثنى¼ يرجع, و½ينُثّ¼ أي: يفشي وينشر, وقيل: ½النث¼ نشر الحديث الذي كتمه أحقّ من نشره, وقيل: ½النث¼ التحدّث بالجميل خاصّة دون القبيح, و½البِرّ¼ الخير والإحسان, والألف للإشباع. (مغاني, الجوهرية)

[2] قوله: [فلمّا خلَبَنا بعُذوبَةِ نُطقِهِ...إلخ] ½خلبنا¼ أي: خدعنا, ½بعذوبة نطقه¼ أي: بحسن كلامه, و½علمنا ما وراء برقه¼ يريد أنّ ما أبدى لهم من الكلام الفصيح دلّهم على ما عنده من العلم, كما أنّ البرق إذا ظهَر ولمَع عُلم ما وراءه مِن المطر. (الشريشي)

[3] قوله: [ابتَدَرْنا فتْحَ البابِ...إلخ] ½ابتدرنا¼ أي: سارعنا واستبقنا, و½تلقيناه بالترحاب¼ أي: استقبلناه بقولنا: ½مَرحباً مَرحباً وأهلاً وسهلاً¼, وأصل الكلمة من الرُّحْب وهو السعة, ومعناه: صادفتَ سعةً وأتيتَ أهلاً, فاستأنس ولا تستوحش, والترحيب للضيف وللزائرين سنّة مستحبّة, وفي الحديث عن جابر بن عبد الله: ((إنّ مِن مَكارِم أخلاق النبيِّين والصدِّيقِين والشُّهَداء والصالِحِين البَشاشة إذا تزاوَروا والمُصافَحة والتَّرحِيب إذا التقوا)), و½هيّا¼ أي: اسرع, وتُستعمَل هذه الكلمة في الحثّ على السُّرعة في الأمر, و½هلمّ ما تهيا¼ أي: أحضِر ما تيسّر, و½هلمّ¼ أي: أقبل, وقيل: معناها: هات, وهذه الكلمة مركّبة من ½ها¼ و½لمّ¼ قال الخليل: وأصلها: ½لُمّ¼ من قولهم: ½لمّ الله شعثه¼ أي: جمعه كأنه أراد لمّ نفسك إلينا, أي: اقرب, و½ها¼ هي للتنبيه, وكثُر استعمالها وخُلطت ½ها¼ بـ½لمّ¼ توكيداً للمعنى فصارت دعوة إلى الشيء فحذفت الألف لذلك وجُعلا اسماً واحداً, قال الله تعالى: ﴿قُلۡ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ[الأنعام:١٥٠], أي: هاتوا أو قربوا شهداءكم. (مغاني, الشريشي)

[4] قوله: [والذي أحَلّني ذَراكُمْ...إلخ] ½أحلّ¼ أي: أنزل, وحلّ المكان وبه أي: نزل به, وفي التنزيل العزيز: ﴿ أَوۡ تَحُلُّ قَرِيبٗا مِّن دَارِهِمۡ[الرعد:٣١], والواو الداخلة على الموصول للقسَم, وأراد بالموصول الله تعالى, أي: أقسم بالله الذي أنزَلني مَنزلكم, و½تلمظتُ بقراكم¼ أصل التلمّظ تتبع اللسان ما بقي من الطعام في الفم بعد الأكل, وإنما جعل ههنا عبارةً عن التناول والأكل, على إقامة المسبب مقام السبب, ومعناه: لا آكل من ضيافتكم شيئاً, و½أو تضمنوا لي¼ يعني: إلاّ أن تضمنوا, أو حتّى تضمنوا, يقال: ½لأضربنّك أو تسقيني¼ أي: إلاّ أن تسقيني, وقال الله تعالى: ﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ[آل عمران: ١٢٨], حتّى يتوب عليهم وإلاّ أن يتوب عليهم, و½كَلاً¼ ثقيلا, و½فُلان كَلٌّ على أهله¼ إذا لم يكفهم مؤنة نفسه, و½الكلّ¼ الإعياء, وجمعه كلول. (مغاني, الشريشي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132