فقالَ: وكيْفَ لا يُقْنِعُني نِصابٌ [1], وهلْ يحتَقِرُ قدْرَهُ إلا مُصابٌ, قالَ الرّاوي: فالتَزَمَ منْهُ كلٌ منّا قِسطاً [2], وكتبَ له بِهِ قِطّاً, فشَكرَ عندَ ذلِك الصُنْعَ [3], واستَنْفَدَ في الثّناء الوُسْعَ, حتى إنّنا اسْتَطلْنا القوْلَ [4], واستَقلَلْنا الطَّوْلَ, ثمّ إنّهُ نشَرَ منْ وشْيِ السّمَرِ [5], ما أزْرَى بالحِبَرِ, إلى
[1] قوله: [كيْفَ لا يُقْنِعُني نِصابٌ...إلخ] ½يقنعني¼ أي: يكفيني, وكلّ مَن أصيب بآفة في نفسه أو ماله أو أهله فهو ½مصاب¼, وعنى به ههنا: مَن أصيب بعقله, يقال: ½رجل مصاب¼ أي: فيه طرف من الجنون, وأصابه الدهر بنفسه وماله أي: فجعه فيهما, يقول: كيف لا يكفيني قدر نصاب من المال ولا يحتقر أهميته إلا المجنون. (مغاني, المطرزي)
[2] قوله: [فالتَزَمَ منْهُ كلٌ منّا قِسطاً...إلخ] ½القسط¼ العدل والسويّة, وهو اسم من ½أقسط¼ إذا عدل, قال الله تعالى: ﴿وَإِنۡ حَكَمۡتَ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِۚ﴾ [المائدة:٤٢], ثمّ سموا الحصّة والنصيب المعدول فيه ½قسطاً¼, و½القطّ¼ -بالكسر- صحيفة الجائزة وخط الحساب أيضاً, يقال: ½خذ من العامل قطك¼ وهو فعل بمعنى مفعول من قطه إذا قطعه؛ لأنّ الصحيفة قطعة من القرطاس, وبه سمي النصيب من الشيء؛ لأنه قطعة منه, وقد فُسّر بهما قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا﴾ [ص:١٦], يعني: ألزَم كلُّ واحد منّا على نفسه نصيباً من ذلك المال وكتبه له على القرطاس. (المطرّزي بزيادة)
[3] قوله: [فشَكرَ عندَ ذلِك الصُنْعَ...إلخ] و½الصُّنع¼ الرزق, و½الصَّنع¼ العمل, و½استنفد¼ استتمّ, و½الوسع¼ الطاقة, و½وسع الرجُل¼ قدر ما يجد من مال أو كلام أو غير ذلك, وهو من السعة, أي: أثنى غاية ما يمكنه من الثناء, يعني: شكر معروفهم وعطاءهم وبذل جهوده في الثناء عليهم. وعن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أُعطِيَ عطاءً فوجد فليَجز به ومَن لَم يجد فليُثْن, فإنّ مَن أثنَى فقد شكَر ومَن كتَم فقد كفَر, ومَن تَحلَّى بما لَم يُعطَه كان كلابس ثوبَي زُور)). (مغاني, الشريشي)
[4] قوله: [حتى إنّنا اسْتَطلْنا القوْلَ...إلخ] ½استطلنا¼ استكثرنا ووجدناه كثيراً طويلاً, و½الطول¼ الإنعام والفضل, يعني: حتى إننا استكثرنا ثناءَه واستقللنا العطاء الذي أعطيناه وأنعمنا به عليه. (مغاني, الشريشي)
[5]ٍ قوله: [نشَرَ منْ وشْيِ السّمَرِ...إلخ] ½الوشى¼ ثياب مرقومة بألوان شتّى من الحرير, و½السمر¼ حديث الليل, و½وشْي السمر¼ يعني اختلاف أنواعه, كما أنّ ½وشي الثوب¼ إختلاف ألوانه, و½وشي الحديث¼ سرده من كلّ فنّ, و½أزرى به¼ أي: احتقره وتهاون به, و½الحِبَر¼ جمع حبرة, وهو ثياب فيها خطوط ورقوم مختلفة, تصنع باليمن, فشبّه حسن حديث بالوشى وخصّ الحبر لحسن فنونه. (مغاني, الشريشي)