وهَلُمّ جَرّاً, فما يُعْرَفُ أحَيٌ هوَ فيُتوَقّعَ [1], أم أودِعَ اللّحْدَ البَلْقَعَ؟ قال أبو زيْدٍ: فعلِمْتُ بصِحّةِ العَلاماتِ أنّه ولَدي, وصدَفَني عنِ التّعرُّفِ إليْهِ صَفْرُ يدي [2], ففصَلْتُ عنْهُ بكَبِدٍ مرْضوضَةٍ [3],
[1] قوله: [فما يُعْرَفُ أحَيٌ هوَ فيُتوَقّعَ...إلخ] ½يعرف¼ بالبناء للمجهول, ½أحي هو¼ أي: أبوه, و½فيتوقّع¼ أي: فينتظر, وهو منصوب بـ½أنْ¼ مضمرة بعد الاستفهام, و½أودع¼ مبنيا للمفعول, أي: أودعوه, و½اللحد¼ الشق في جانب القبر, و½البلقع¼ الأرض القفر التي لا شيء فيها, و½اللحد البلقع¼ اللحد الخالي, وكنى بذلك عن موته, يعني: هو مفقود الخبر فلا يعرف له الحياة فيرجى عوده ولا الممات فيزار قبره. (مغاني, الجوهرية بزيادة)
[2] قوله: [صدَفَني عنِ التّعرُّفِ إليْهِ صَفْرُ يدي...إلخ] ½صدف عنه¼ أي: أعرض عنه, يقال: ½صدف الرجل¼ أي: مال عن الشيء, فعل لازم لا يصير مُتعدّياً بـ½عن¼, قال الله تعالى: ﴿سَنَجۡزِي ٱلَّذِينَ يَصۡدِفُونَ عَنۡ ءَايَٰتِنَا سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ﴾ [الأنعام: ١٥٧], أي: يعرضون عنها ويميلون, وقال الرازي: لم أقف على استعمال ½صدف¼ بغير الألف متعدّيا إلاّ في كلام الحريري, و½تعرّفت إليه¼ عرّفته نفسي, وإن لم يثبت في القوانين, وإنما المنقول: ½تعرّفت الشيء¼ أي: طلبتُ معرفته مرّة بعد أخرى حتّى عرفتُه, و½استعرفتُ إليه فعرفني¼ أي: عرّفتُه نفسي فعرفني, و½صفْر اليدين¼ خلوُّهما من كلّ شيء, وقيل: من المال, يقول: قال أبو زيد: علمت بعلامات التي ذكرها مِن تأريخ التزويج ومكانه أنه ولدي وقطعة من كبدي ولكن منعني أنْ أعرفه بأنني أبوه وهو ولدي رقّةُ الحال وخلوُّ يدي مِن المال. (مغاني, الرازي بزيادة)
[3] قوله: [ففصَلْتُ عنْهُ بكَبِدٍ مرْضوضَةٍ...إلخ] ½فصلت عنه¼ يعني: فارقته, و½مرضوضة¼ أي: مدقوقة مكسورة, و½الرضّ¼ في الأصل الدقّ, يقال: ½رضّ العظام¼ إذا دقّها وكسرها, و½رضاض الشيء¼ دقاقه وقطعه, ومنه ½الرضراض¼ لصغار الحصى, ثمّ قيل: ½رضت كبدي¼ على الاستعارة, و½مفضوضة¼ أي: مفترقة, و½الفضّ¼ في الأصل: فضّك الخاتمَ عن الكتاب, وهو كسرُك له, ثمّ قالوا: ½فضّ الدموع¼ فانفضّت, أي: صبّها فانصبّت, كأنها كانت مختومةً فلمّا أُزلَت الخِتامُ جرَت وسالَت, و½أولي الألباب¼ أهل العقول, و½العُجاب¼ مبالغة في العجَب, أي: الشيء العجيب جدًّا. (المطرزي, الشريشي)