ودُموعٍ مفْضوضةٍ, فهلْ سمِعْتُمْ يا أولي الألْبابِ, بأعْجَبَ منْ هذا العُجابِ؟ فقُلْنا: لا ومَنْ عندَهُ عِلمُ الكِتابِ [1], فقال: أثْبِتوها في عَجائِبِ الاتّفاقِ [2], وخلِّدوها بُطونَ الأوْراقِ, فما سُيّرَ مثلُها في الآفاقِ, فأحْضَرْنا الدّواةَ وأساوِدَها [3], ورَقَشْنا الحِكايَةَ على ما سرَدَها, ثمّ اسْتَنْبطناهُ عنْ مُرْتآهُ [4],في استِضْمام فَتاهُ, فقالَ: إذا ثَقُلَ رُدْني [5], خَفّ عليّ أنْ أكْفُلَ ابْني, فقُلنا: إنْ كان يكْفيكَ نِصابٌ منَ المالِ [6], ألّفناهُ لكَ في الحالِ,
[1] قوله: [لا ومَنْ عندَهُ عِلمُ الكِتابِ...إلخ] ½الواو¼ للقسم, والمراد بالموصول ½الله¼, أي: والله الذي عنده علم الكتاب ما سمعنا من قبل مثل هذا العجاب. (العِلمية)
[2] قوله: [أثْبِتوها في عَجائِبِ الاتّفاقِ...إلخ] ½عجائب الاتفاق¼ أي: الأمور العجيبة الاتفاقية, ½خلدوها¼ أي: اجعلوها باقية, و½خلدوا¼ يعدى بالحرف لكنه ضمن هنا معنى الإيداع, أي: خلدوها مودعين بطون الأوراق, و½سيّر¼ بالبناء للمجهول من ½سار الكلام¼ جعله شائعاً في الناس, و½الآفاق¼ البلدان وجهات الأرض جميعها, أي: اكتبوها في الموضع المعد لأنْ يكتب فيه عجائب الاتفاق واجعَلوها باقية بكتابتها في بطون القرطاس, فما سير أحد مثلها في البلدان وجميع جهات الأرض. (الجوهرية بزيادة)
[3] قوله: [فأحْضَرْنا الدّواةَ وأساوِدَها...إلخ] ½أساودها¼ أي: أقلامها, و½أساود البيت¼ الأمتعة التي فيه, قال أبو عبيدة: ½الأساود¼ الشخوص من المتاع, وكلّ شخص سواد من مَتاع أو إنسان أو غيره, وجمع السواد أسودة, ثمّ الأساود جمع الجمع, وقد تشبه الأقلام بالأساود وهي الحيات, و½رقشنا¼ أي: كتبنا, و½على ما سردها¼ أي: كما حكاها وتكلّم بها, و½سرد الحديث¼ إذا تابع كلامه في حدر وأجاد سياقه. (مغاني, الشريشي)
[4] قوله: [ثمّ اسْتَنْبطناهُ عنْ مُرْتآهُ...إلخ] ½استنبطناه¼ أي: استخبرناه وسألناه, وأصله في الماء, يقال: ½نبط الماء من البئر¼ نبع, و½الاستنباط¼ الاستخراج, ومنه ½النبط¼ وهو الماء المستنبط, وإنما عدي هنا بـ½عن¼ على تضمين معنى الاستخبار أو السؤال, و½مرتآه¼ وهو افتعل من رؤية القلب وهو الرأي والتدبير, و½عن مرتاه¼ أي: عمّا رأه بقبله ودبّره برأيه, وقوله: ½في استضمام فتاه¼ يعني: الاجتماع بابنه. (مغاني, المطرّزي)
[5] قوله: [إذا ثَقُلَ رُدْني...إلخ] ½ردني¼ أي: كمّي, و½خفّ عليّ¼ أي: هان عليّ, يعني: إذا أعطيتموني شيئاً يثقل به كمّي هان عليّ حينئذ أنْ أكفل ولدي وأضمن القيام بأمره. (مغاني)
[6] قوله: [نِصابٌ منَ المالِ...إلخ] نصاب من المال وهو الذي تجب فيه الزكاة نحو مأتي درهم من الوَرِق أو عشرين ديناراً من الذهب, و½ألّفناه¼ أي: جمعناه, قال الله تعالى: ﴿وَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ﴾ [الأنفال:٦٣], أي: جمع بين قلوب الأوس والخَزرَج على دينه فصيّرهم جمعاً بعد أن كانوا أشتاتاً. (مغاني)