عمّ, بضَراعَةِ الطّلَبِ وبِضاعَةِ الأمَلِ, ثُمّ بالتّوسّلِ بمحَمّدٍ [1] سيّدِ البشَرِ, والشّفيعِ المُشفَّعِ في المحْشَرِ, الذي ختَمْتَ بهِ النّبيّينَ, وأعليتَ درجتَهُ في عِلّيّينَ, ووَصَفْتَه في كِتابِك المُبينِ [2], فقُلتَ وأنتَ أصدَقُ القائلين: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأنبياء:١٠٧], اللهُمّ فصَلِّ علَيه [3]
[1] قوله: [ثُمّ بالتّوسّلِ بمحَمّدٍ...إلخ] التقرّب, و½البشر¼ الخَلْق, وهو في الأصل جمع بشَرة, وهي ظاهرة الجلد, وسمُّوا بشراً لظهور أبشارهم خلافاً لغيرهم من الحيوان, فإنّ جلودهم مختفيةٌ تحتَ الأشعار, و½الشفيع¼ الطالب لغيره, صاحب الشفاعة, و½المشفَّع¼, الذي تقبل شفاعته, قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((خُيِّرتُ بين الشَّفاعَة وبين أنْ يدخُلَ نصفُ أمتي الجنة, فاختَرتُ الشّفاعةَ؛ لأنها أعمّ وأكفَى, أتَرَونَها للمتَّقِين؟ لا! ولكنَّها للمُذنِبين الخَطّائين المُتلوِّثِين)). و½المحشر¼ موضع اجتماع الناس يوم القيامة, وأيضاً الحشر, أي الجمع, وهو الأشبه باليوم, و½ختمتَ¼ جعلته خاتمهم, أي آخرهم, و½درجته¼ منزلته, و½علّيّين¼ أعلى الجنة, قيل: هو اسم أشرف الجِنان كما أنّ ½سجِّينا¼ اسم شرّ النيران, وقيل: بل ذلك في الحقيقة اسم سكانها, وهذا أقرب في العربيّة. (الشريشي, المصباحي)
[2] قوله: [وَصَفْتَه في كِتابِك المُبينِ...إلخ] ½وصف الشيءَ¼ وصفاً وصِفةً نعته بما فيه من المحاسن, و½المُبين¼ المبيّن, روي أن الشيخ لمّا مدح النبي صلى الله عليه وسلم في الخُطبة قال: فقلتَ وأنت أصدق القائلين: ﴿ إِنَّهُۥ لَقَوۡلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ[١٩] ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلۡعَرۡشِ مَكِينٖ[٢٠] مُّطَاعٖ ثَمَّ أَمِينٖ [٢١]﴾ [التكوير:١٩-٢١], معتقداً أنّ المراد بالرسول هنا النبي عليه السلام, وهو عند أكثر أئمّة التفسير ½جبريل¼؛ ولذا رجع آخراً فأزال الآية من كتابه, واستشهد بما اتفق مشاهير المفسرين على أنّ المراد به نبينا صلى الله عليه وسلم, وهو قوله تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ ولهذا توجد النسخ في هذا الموضع مختلفة, وليس الأوّل بغلط لا محالة؛ لأنّ أبا جعفر النحاس ذكَر في "معاني القرآن" أنه النبي عليه السلام في قول بعضهم, وكذا ذكر غيرُه أيضاً, إلاّ أنّ الشيخ رحمه الله أخذ بالشاذ أوّلاً ثم عدل عنه إلى المشهور. (مغاني, الشريشي, الرازي)
[3] قوله: [اللهُمّ فصَلِّ علَيه...إلخ] ½آله¼ أي أهله وعياله, و½آل¼ قيل: أصله ½أهل¼؛ لأنّ تصغيره ½أُهَيل¼, والتصغير يُرجِع الاسم إلى أصله, وقيل: أصله ½أأْل¼ أبدلت الهمزة الثانية ألفاً, ودليلُه وجود المناسبة, يقال: ½آل يؤول¼ إذا رجع؛ وسُمّيت أولادُ الرجل ½آلاً¼؛ لأنه يرجع إليهم وهم يرجعون إليه, و½الهادين¼ المرشدين إلى طريق الخير, وقد هديته الطريق, إذا أرشدتَه, و½شادُوا الدين¼ قوَّوْه ورفعوه, وفي التنزيل: ﴿وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ﴾ [النساء:٧٨] و½هديه¼ و½هديهم¼ طريقته وطريقتهم, و½جدير¼ حقيق, لا يخفى ما في قوله: ½شادوا الدين¼ من الاستعارة المكنية, شبّه الدين بالقصر ثُمّ رمز إليه بقوله: ½شادوا¼. (الشريشي, المصباحي)