يَدُ الإمْلاقِ كأْسَ الفِراقِ, وأغْراهُ عدَمُ العُراقِ [1] بتَطْليقِ العِراقِ, ولفَظَتْهُ مَعاوِزُ الإرْفاقِ [2] إلى مَفاوِزِ الآفاقِ, ونظَمَهُ في سِلْكِ الرِّفاقِ [3], خُفُوقُ رايَةِ الإخْفاقِ, فشحَذَ للرِّحْلَةِ غِرارَ عزْمَتِهِ [4],
[1] قوله: [أغْراهُ عدَمُ العُراقِ...إلخ] ½أغراه¼ حمَله حرّضه, و½العراق¼ جمع عرق وهو العظم الذي أخذ عنه معظم اللحم وبقيت عليه بقية, ضربه الحريري مثلا للشيء القليل, وغرضه أن يجانس بينه وبين العِراق, و½بتطليق العراق¼ أي: بمفارقة ذلك الإقليم, و½العِراق¼ شاطئ البحر, وبه سمّيت العراق عراقاً؛ لأنها على شاطئ دجلة والفراة. (مغاني, الرازي)
[2] قوله: [لفَظَتْهُ مَعاوِزُ الإرْفاقِ...إلخ] ½لفظته¼ رمته وألقته, يحتمل أن يكون ½المعاوز¼ جمع عَوَز, وهو الحاجة والفقر, غير مبني على واحده, وأن يكون جمع مُعْوَز مِن أعوزه الدهرُ, إذا أفقره, و½الإرفاق¼ مصدر أرفقه, إذا نفعه, و½المفاوز¼ جمع مفازة وهي الصحراء, سميت مفازة على التفاؤل؛ لأنّ الرجل إذا قطعها فاز ونجا, و½الآفاق¼ نواحي الأرض, والمعنى: رمت به أسباب الحاجة المقتضية للنفع إلى صحراء نواحي الأرض. (المطرّزي, الشريشي)
[3] قوله: [نظَمَهُ في سِلْكِ الرِّفاقِ...إلخ] ½نظمه¼ ضمّه وجمعه, و½سِلْك¼ خيط, ½الرفاق¼ جمع رُفْقَة وهم الجماعة ترافقهم في سفرك, وعنى بـ½سلك الرفاق¼ الطريق الذي ينتظمون فيه إذا أخذوا في السير؛ لأنهم يمشون فيه واحداً بعد واحدٍ, فنَظَمَهم الطريقُ, وصار لهم كالسِّلْك, و½خفوق¼ اضطراب, و½الإخفاق¼ الخيبة, و½الخفوق¼ و½الإخفاق¼ تركيبها يدلّ على أصل واحد, وهو الاضطراب, أمّا خفوق الراية فظاهر, وأمّا الإخفاق فهو أن يغزو الرجل فلا يصيب شيئاً؛ فلأنه يصير مضطرب الحال في ذلك الوقت, أو لأنّ حقائبه تصير خافقة, أي: مضطربة لخفتها وخلائها. (الشريشي, المطرّزي)
[4] قوله: [فشحَذَ للرِّحْلَةِ غِرارَ عزْمَتِهِ...إلخ] يقال: ½شحذ السكين والسيف¼ ونحوهما, أي: أحدّه وجَلاه, و½الرحلة¼ الارتحال, و½الغرار¼ شفرة السيف, و½عزمة¼ ما عقد عليه قلبك أنك فاعله, جعل للعزمة حدًّا مبالغةً في تعجيل السفر, و½ظعَن¼ أي: سار, وفي التنزيل: ﴿يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ﴾ [النحل:٨٠], و½قاد الدابة¼ يقودها,
إذا أخذ بزمامها, و½الأزمّة¼ جمع زمام, وهو حبلٌ مِن جلود يشدّ به في حلقة مجعولة في وتَد أنف البعير, أراد أنه لمّا عزم على الارتحال عوّل على السفر بجدّ وتتعلَّق قلوبُ أصحابه به عند فراقه, كأنه قد ربطها بأزمّة وقادها معه, فمن روى: ½القلوب¼ عادت الهاءُ مِن ½أزمّته¼ على السروجيّ, ومَن روى: ½القلب¼ عادت على القلب وهو من باب الاستعارة المكنية على تشبيه القلب ببعير, أو على السروجي. (مغاني, الشريشي)