عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وظَعَنَ يَقْتادُ القلْبَ بأزِمّتِهِ.

فَمـا راقَـني مَـنْ لاقَـني بعْـدَ بُعْـدِهِ

 

ولا شاقَـني مَنْ ساقَـني لِوِصالِـهِ [1]

ولا لاحَ لي مُـذْ نَـدّ نِـدٌّ لِـفَضْـلِـهِ

 

ولا ذُو خِلالٍ حازَ مِثْـلَ خِلالِـهِ [2]

واسْتَسَرّ عنِّي حيناً [3], لا أعرِفُ لهُ عَريناً, ولا أجِدُ عنْهُ مُبيناً, فلمّا أُبْتُ منْ غُربَتي [4] إلى منْبِتِ


 



[1] قوله: [فَما راقَني مَنْ لاقَني...إلخ] ½راقه الشيءُ¼ يروقه, إذا أعجبه, و½لاقني¼ أي: لصق بقلبي, و½بُعده¼ فراقه, و½شاقني¼ أي: هيّج شوقي, و½ساقني لوصاله¼ دعاني لصحبته, يقول: لم يُعجبني أحدٌ مِن أحبّاءي بَعدَ فِراقه, ولم ينجَح أحدٌ في أن يحدث في نفسي الشوق إلى لقاءه. (مغاني, المصباحي)

[2] قوله: [ولا لاحَ لي مُذْ نَدّ نِدٌّ لِفَضْلِهِ...إلخ] و½لاح¼ أي: ظهَر, ونَدّ ينِدّ نداً, أي: نفر وذهب, و½الندّ¼ -بكسر النون- المِثل والنظير, والجمع ½أنداد¼, قال الله تعالى: ﴿فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا[البقرة:٢٢], و½لفضله¼ أي: لأجل فضله, أو يتعلّق بـ½ندّ¼ مؤولاً باسم الفاعل, و½الخِلال¼ الأوّل المخالّة والمصادقة, فهو مصدر لا جمع, و½الخلال¼ الثاني, الخصال, جمع خَلة -بالفتح- وهي الخَصلة, وجمع خُلّة أيضاً بالضمّ وهي المحبّة, ويجوز أن يكون الأول جمع ½خصلة¼ والثاني جمع ½محبّة¼, و½حاز¼ أي: جمَع, يقول: لم يظهر بَعد فراقه نظيرٌ له في الفضل, ولا رجل ذو خصالٍ جمع مثل خصاله. (الرازي, المصباحي)

[3] قوله: [واسْتَسَرّ عني حيناً...إلخ] أي: خفي عنّي, وأصله من سِرار الهلال في آخر الشهر, وهو يستسر ليلة لا يظهر أو ليلتين, و½العرين¼ هو مأوى الأسد الذي يألفه, وأصل العرين جماعة الشجر الملتف, و½المبين¼ مُعلِماً به يُبيِّن لي أين استقرّ, يقول: خفي عنّي مدّة لا أعرف له مأوى ولا أجد من يعلم بخبره فيخبرني عنه. (مغاني, شريشي)

[4] قوله: [فلمّا أُبْتُ منْ غُربَتي...إلخ] ½أبتُ¼ أي: رجعت, يقال: آب من سفره يؤوب أوْباً, إذا رجع, و½غربتي¼ أي: سفري, و½منبت¼ ظرف مكان, و½الشُّعْبَة¼ واحدة الشُّعَب, وهي الأغصان, و½منبت شعبتي¼, أي: بلدة التي ولدت ونشأتُ فيها, و½دار كتبها¼ مدرسة العلم, والضمير فيه للمنبت وإن كان مذكوراً على معنى أنه بلد وبُقْعَة, و½منتدى القومِ¼ مجلسهم الذي يتحدّثون فيه, و½المتأدب¼ متعلّم الأدب, و½الملتقى¼ موضع الالتقاء, و½القاطن¼ المقيم, و½قطن بالمكان¼ أي: أقام به وتوطّنَه, يقول: فلمّا رجعت من سفري إلى بلدة التي ولدت ونشأت فيها, أتيتُ مدرسة العلم التي هي مجلس متعلّمي الأدب وموضع لقاء المقيمين والمسافرين. (مغاني, الشريشي وغيرهما)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132