عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وأُلْنا للدّهرِ المُوقِعِ [1], والفَقْرِ المُدْقِعِ, إلى أنِ احْتَذيْنا الوَجَى [2], واغْتذَينا الشّجى, واستَبْطَنّا الجَوى [3], وطَوَيْنا الأحْشاءَ على الطَّوى, واكْتَحَلْنا السُهادَ [4], واستَوطَنّا الوِهادَ, واستوطأنا


 



[1] قوله: [أُلْنا للدّهرِ المُوقِعِ...إلخ] ½ألنا¼ أي: رجعنا, تقول: آل يؤل أولاً وإيالاً, أي: رجع, و½المُوقع¼ المسقط الذي يوقِع المكروه بالناس أو يوقِعُهم في المكروه, و½المدقع¼ المُلصِق بالدَّقعاء, وهي التراب, يقال: دقِع يدقَع دقعاً إذا لصق بالتراب من الفقر, وأدقعه غيرُه, واللام في قوله: ½للدهر¼ يحتمل أن تكون بمعنى إلى, كما قال الله تعالى: ﴿سَمِعۡنَا مُنَادِيٗا يُنَادِي لِلۡإِيمَٰنِ[آل عمران:١٩٣] أي: إلى الإيمان, فيكون المعنى: رجعنا عن الحالة السَّنية والعَيشة الهنيّة وابتلينا بدهر يسقط عن الدرجات وفقرٍ يلصق بالدركات إلى أن فعلنا كيت وكيت, ويجوز أن تكون اللام في ½للدهر¼ للتعليل والسببية, أي: رجعنا بسببه عمّا كنّا فيه إلى أن فعلنا كيت وكيت. (مغاني, الرازي)

[2] قوله: [احْتَذيْنا الوَجَى...إلخ] ½الحذا¼ النعل, و½الوجى¼ الحفا, و½الوجى¼ توجّع باطن القدمين من الحفا, أي: اتخذنا الحفا حذاءً, على طريق الاستعارة, و½الشجى¼ ما يعرض في الحلق مِن عظم وغيره, وكنى بهذا عن سوء الحال؛ لأنّ الشجى ليس بغذاء إنما هو مشقة وتعب, ولكن بالغ في وصف سوء حاله, يقول: حتّى تعوّدنا لبس الحفا مكان النعال وأكل الشجى مكان الغذا, أي: ليس ثَمّ انتعال ولا غذاء؛ لأجل ما أحلّ بنا الدهرُ من شدائد الهائلة. (مغاني, الشريشي بزيادة)

[3] قوله: [استَبْطَنّا الجَوى...إلخ] ½استبطنّا¼ أي: جعلنا في بطوننا, و½استبطنتُ أمرَ فُلان¼ إذا وقفتَ على دِخلتِه, وهي باطنه, و½الجوى¼ وجعٌ في البطن وفساد الجوف, و½طوينا¼ أي: جعلنا بعضَها على بعض, وفي التنزيل: ﴿يَوۡمَ نَطۡوِي ٱلسَّمَآءَ[الأنبياء:١٠٤], و½الأحشاء¼ جمع الحشى, وهو ما في البطن من الكَبِد والطِّحال والكَرِش, وأراد بها الأمعاء, و½الطوى¼ الجوع, جعلنا الوجع والفساد في بطوننا وطوينا الأمعاء من شدّة الجوع؛ لأنّ الأحشاء إذا امتلأت من الطعام انتشرت, وإذا فرغت منه انطوى بعضُها على بعض. (مغاني, الشريشي بزيادة)

[4] قوله: [اكْتَحَلْنا السُهادَ...إلخ] أي: جعلناه كُحْلاً لنا, وهو استعارة, و½السهاد¼ امتناع النوم, و½استوطنّا¼ سكنّا واتخذناه وطَناً, و½الوهاد¼ جمع وهدة, وهو المكان المنخفض كأنه حفرة, وإنما يستوطنها الضعيف العاجز حذاراً من الطارف لفقره وذلّه أو البخل. (مغاني, الشريشي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132