فقال لهم علي: إنَّ هذه الصخرة على الماء، فإنْ زالتْ عن موضعها وجدتُّم الماء، فاجتهدوا في قلبها، فلم يجدوا إلى ذلك سبيلًا واستصعبت عليهم.
فلما رآهم سيدنا علي رضي الله تعالى عنه، قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة فاستصعبت عليهم، لوى سيدنا علي رضي الله تعالى عنه رِجله عن سرجه حتّى صار على الأرض، ثمّ حسر عن ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحرَّكها، ثمّ قلعها بيده، فلمّا زالتْ عن مكانها ظهر لهم بياض الماء، فتبادروا إليه فشربوا منه، فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده وأصفاه، فقال لهم: تزوَّدوا وارتَوُوا، ففعلوا ذلك.
ثمّ جاء إلى الصخرة فتناولها بيده ووضعها حيث كانتْ، وأمر أَنْ يُعفى أثرها بالتراب، والراهب ينظر من فوق ديره، فلمّا استوفى عِلم ما جرى نادى: يا معشر الناس! أنزلوني أنزلوني.
فاحتالوا في إنزاله، فوقف بين يدي سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقال له: يا هذا! أنت نبيُّ مرسل؟
فقال: لا.
قال الراهب: فمَلك مقرَّب؟
قال: لا.
قال الراهب: فمن أنت؟
قال: أنا من أصحاب رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيِّين ﷺ.