الوداع يا شهرَ رمضان
أيّها الإخوة الأعزّاء! قبل أيّامٍ قليلةٍ كنَّا ننتظرُ شهرَ رمضان المبارك، وكنَّا نستعِدُّ له، وعُشّاق الصيامِ كانوا يَقومون بإعدادِ جدول العباداتِ والطاعاتِ، وكيف يستغلّون هذا الشهرَ المبارك؟ وكانوا يضعون أهدافَهم مُسبقًا مُتَحمِّسين لانتظاره، إلى أنْ وصلهم اليومُ المباركُ وسمعَتْ آذانهم الصوت الجميل ألذّ ناداهم بفجأة مع البشارة "لقد ثبتت رؤية هلال شهر رمضان المبارك"، وارتفعت الأصواتُ في كلّ مكان "رمضان كريم" و"رمضان مبارك"، وامتلأت القلوبُ بالفرح والسرور بمجرّد أنْ سمعوا هذا الإعلان، وأصبحت المساجدُ مليئةً بالمصلّين، وأقبل أهل القرآن الكريم على التّلاوة وبدأوا في تلاوته كلّ آنٍ، وهكذا صار يجتمع أفرادُ العائلةِ كلّهم على مائدة السحور والإفطار.
ثمّ انتهى الثلث الأوّل عشر أيّام من الرحمةِ ومضت بسُرعةٍ، فدخلت أيّام المغفرة، ونال المحظوظون نعمةَ المغفرةِ والعفوِ من ربّهم سبحانه وتعالى فهنيئًا لِمَن اغتنمها، وسرعان ما انقضت نفحات المغفرة أيضًا، ثمّ بدأت أيّام العتق من النار، واتّجه المعتكفون نحو المساجد بأعداد كبيرة لإحيائها ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، ليؤدُّوا الصلواتِ والعبادات فيها ويتقرَّبوا إلى الله تعالى، آه! يوشك أنْ تنتهي هذه العشرة المباركة أيضًا، وبعد أيّامٍ قليلةٍ سنودّع رمضان المبارك.