الإسلام، والرسولُ الكريم ﷺ الذي كان يحزَن جدًّا على عدم قبول إسلام الكافر وها هو يقول في حق مسلمٍ: «مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إِلَى بَيْتِ اللهِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا»[1].
يقول العلّامة الملا علي القاري رحمه الله: قيل: هَذَا مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ الشَّدِيدِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الوَعِيدِ.
وقال ابن الملك رحمه الله: وَإِنَّمَا خَصَّ الطَّائِفَتَيْنِ بِالذِّكْرِ لِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِمَا بِالْحَجِّ، مِنْ حَيْثُ أنّه لَمْ يَكُنْ مَفْرُوضًا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شِعَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَاصَّةً، وَفِيهِ مُنَاقَشَةٌ ظَاهِرَةٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ وَجْهَ التَّخْصِيصِ كَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ عَامِلَيْنِ بِهِ فَشُبِّهَ بِهِمَا مَنْ تَرَكَ الْحَجَّ حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَنَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ كَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ[2].
وقال المفتي أحمد يار خان النعيمي رحمه الله: هذا يعني أنّه لا فرقَ بين موتِ مَنْ لم يحجّ مع وجوبه عليه وبين مَنْ يموت يهوديًّا أو نصرانيًّا، وإنّ الله يغضب مِنْ تاركِ الحجّ مع الاستطاعة كما غضب مِنَ اليهودِ والنّصارى، إلّا أنّ غضبَه عليهم يختلف عن تارك الحجّ، ومَنْ لم يحجّ وهو منكر لفرضية الحجّ فهو كافر، وحينها لا فرق بين كفره وكفر أهل الكتاب[3].