عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

أعجبِها ما عايَنْتُهُ الليلَةَ [1] قُبَيلَ انْتِيابِكُمْ, ومَصيري إلى بابِكُمْ, فاستَخْبَرْناهُ عَنْ طُرفَةِ مَرآهُ [2], في مسرَحِ مسْراهُ, فقال: إنّ مَراميَ الغُربَةِ [3], لفَظَتْني إلى هذِهِ التُرْبَةِ, وأنا ذو مَجاعَةٍ وبوسَى, وجِرابٍ كفؤادِ أمّ موسَى, فنهَضْتُ حينَ سَجا الدُجى [4], على ما بي منَ الوَجَى, لأرْتادَ مُضيفاً, أو أقْتادَ رَغيفاً, فساقَني حادِي السّغَبِ [5], والقضاءُ المُكنّى أبا العجَبِ, إلى أنْ وقفْتُ على


 



[1] قوله: [إنّ منْ أعجبِها ما عايَنْتُهُ الليلَةَ...إلخ] ½أعجبها¼ أي: أعجب العجائب, و½عاينت الشيء¼ عياناً ومعاينة, إذا رأيته بعينك, و½قبيل¼ مصغّر ½قبل¼, و½الانتياب¼ هو الإتيان مرّة بعد أخرى, قال الأزهري: ½ينتاب الرجُل القوم¼ إذا أتاهم مرّةً بعد أخرى, وقال ابن سِيدَه: ½انتبته¼ أتيته على نوب, و½النوب¼ ما كان منك مَسيرةَ يوم وليلة, وقيل: ما كان على ثلاثة أيام, وقيل: ما كان على فَرسخَين أو ثلاثة, والمراد: النزول, أي: قبل نزولي عندكم, ومَن فسّر ½الانتياب¼ بمطلق القصد فقد أغرب, و½مصيري¼ رجوعي. (مغاني, الرازي)

[2] قوله: [فاستَخْبَرْناهُ عَنْ طُرفَةِ مَرآهُ...إلخ] و½مرآه¼ رؤيته ومنظره, و½مسرح¼ المرعى, والمكان الذي يسرح إليه ويمشي, و½مسراه¼ سيره بالليل, فالإضافة بيانية أو لامية, يعني: طلبنا منه أن يخبرنا عمّا رآه من العجائب في مرعى سيره بالليل. (الجوهرية بزيادة)

[3] قوله: [إنّ مَراميَ الغُربَةِ...إلخ] ½مرامي الغربة¼ رمياتها, واحدها: مرمى, مفعل مِن الرَّمي, والمراد بها: منازل الغربة والسفر؛ لأنها ترمي المسافر من بلد إلى بلد, و½لفظتني¼ أي: رمتني, و½التربة¼ التراب, و½المجاعة¼ الجوع, و½ذو مجاعة¼ صاحب جوع, و½البوسى¼ خلاف النعمة, وهي الشدّة والفقر, و½جراب¼ وِعاء من جلد يصنع للزاد, قوله: ½كفؤاد...إلخ¼ أي: خال ليس فيه شيء من الزاد, وفي الأمثال: ½أفرغ مِن فؤاد أمّ موسى¼, إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَأَصۡبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَٰرِغًاۖ[القصص:١٠], ولا ينبغي استعمال هذا المثَل؛ إذ فيه غض من أمّ ذلك النبي العظيم وابتذال ذكره في مقام لا يليق بمنصبه الجسيم. (مغاني, الجوهرية)

[4] قوله: [فنهَضْتُ حينَ سَجا الدُجى...إلخ] ½نهضت¼ أي: قمت, و½سجا الليل¼ أي: سكن واشتدّت ظلمته, وقال ابن الأعرابي: ½سجى¼ أي: امتدّ ظلامه, و½سجا البحر¼ أي: سكن موجه, و½الدجا¼ الظلمة, و½الوجا¼ التعب, وأصله وجع في حافر الفرس من الحفا, و½أرتاد¼ أي: أطلب, ويقال: ½أضفت الرجل¼ وضيّفتُه إذا أنزلته بك ضيفاً وقريتَه, و½أقتاد¼ أي: أقود, افتعل من القود وهو الجذب, وأراد به هنا التحصيل. (مغاني)

[5] قوله: [فساقَني حادِي السّغَبِ...إلخ] و½الحادي¼ سائق الإبل بالحداء, وهو نوع من الغنا, و½السغب¼ الجوع, و½القضا¼ عطف على ½حادي¼ أي: ساقني القضا, وكنّاه ½أبا العجب¼؛ لأنّ كلّ عجيبة من الخير وغريبة من الشرّ فبقضا الله بدايته وبقدرة الله نهايته, و½إلى أنْ وقفْتُ على بابِ دارٍ¼ أي: سائلا, و½على بدار¼ أي: مُسرعاً, و½بدار¼ مصدر بادر يبادر أي: أسرع. (مغاني)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132