وبـدرِ تِـمٍّ أنـزَلَــتْـهُ بـدْرَتُــهْ [1] |
| ومُـسـتَشِيطٍ تتلـظّى جَمْـرَتُـهْ [2] |
أسَـرّ نَـجْـواهُ فَـلانَـتْ شِــرّتُــهْ |
| وكـمْ أسيـرٍ أسْلـمَـتْـهُ أُسرَتُـهْ [3] |
أنـقَـذَهُ حـتّى صَفَـتْ مَسرّتُـهْ |
| وحَـقِّ مـوْلًى أبدَعَتْـهُ فِـطْرَتُـهْ [4] |
لوْلا التُّقَى لقُلتُ جَلّتْ قُدرتُهْ |
ثمّ بسَط يدَهُ, بعدَ ما أنْشَدَه, وقال: أنْجَزَ حُرٌّ ما وعَدَ [5], وسَحّ خالٌ إذ رَعَدَ, فنبَذْتُ الدّينارَ
[1] قوله: [بدرِ تِمٍّ أنزَلَتْهُ بدْرَتُهْ] ½بدر تمّ¼ القمر ليلة الكمال, يريد به شخصاً يشبه البدر في حسنه ورفعته, و½البدرة¼ كيسٌ فيه مقدار مِن المال, والضمير في ½بدرته¼ يرجع إلى الدينار, يقول: إذا بعثت شخصاً يشبه البدر في حسنه ورفعته في طلب الدينار أنزلتْه بدرة الدينار من مرتبته وتملكته. (الشريشي)
[2] قوله: [مُستَشِيطٍ تتلظّى جَمْرَتُهْ...إلخ] و½مستشيط¼ غضبان, و½تتلظَّى¼ تتلهّب, وفي التنزيل: ﴿فَأَنذَرۡتُكُمۡ نَارٗا تَلَظَّىٰ﴾ [الليل:١٤], و½جمرته¼ شدّة غيظه, و½أسرّ¼ أخفى, ½نجواه¼ حديثه سراً, و½شرّته¼ حدّته وغضبه, يقول: كم من غضبان شديد الغيظ مثل حاكم يَصول بصاحب جناية ويهدّده, فإذا رُشي بالدينار وبُعث إليه سرًّا أزال غضبه وسكنت حدّته. (الشريشي)
[3] قوله: [كمْ أسيرٍ أسْلمَتْهُ أُسرَتُهْ..إلخ] ½أسير¼ بمعنى مأسور, ½أسلمته¼ أي: تركته مع الأعداء فيما هو فيه ولم تمنعه, و½أسرة الرجل¼ قومه ورهطه, والجملة صفة لـ½أسير¼, و½أنقذه¼ خلّصه ونجاه, وهو خبر ½كَم¼, و½السرور¼ و½المَسرّة¼ الفرح, و½صفت¼ راقت, ويروى: ½ضفت¼ -بالضاد المعجمة- أي: تمّت وكملت, يقول: رُبّ أسير ترَكه قومُه ورهطُه مع الأعداء, فخلّصه ونجاه الدنانير فَراقت أو فتمت وكملت فرحته ومسرّته. (الرازي بزيادة)
[4] قوله: [وحَقِّ موْلًى أبدَعَتْهُ فِطْرَتُهْ...إلخ] ½وحق مولى¼ أي: أقسم بحق مولى, ½أبدعته¼ أي: اخترعته لا على مثال, و½الفطرة¼ الخلقة, والضمير لله تعالى, و½التقى¼ أي: الخوف واجتناب عن المعاصي, و½اتقيت الشيء¼ حذرته, والاسم التقوى, وأصله ½تقيا¼, قلّبوه للفرق بين الاسم والصفة, يقال: إنّ أصل التقوى قلة الكلام, ½جلّت¼ عظمت, والمراد: لولا الحِذْر والخوف من عقاب الله تعالى في قول ما ليس بحقّ لقلتُ: عظمت قدرته. أي: على سبيل التعظيم والتنزيه؛ وإلاّ فإطلاقه على الممكن في موضع يليق به لا يظهر المنع منه؛ إذ القدرة ثابتة له وعِظَمُها النسبي لا يمكن نفيه واختلافها بحسب الأشخاص والأوقات مسلّم. (مغاني, الجوهرية بزيادة)
[5] قوله: [أنْجَزَ حُرٌ ما وعَدَ...إلخ] هذا مثَل يضرب لمَن وعد بشيء لِيَفي به, لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر والطلب, أي: أنجز يا حرّ ما وعدت به, ويجوز أن يكون خبراً على لفظه, ويكون معناه: الحرُّ ينجز ما يعد به, و½سحّ¼ صبّ وأمطر, و½خال¼ سحاب يخيّل لك أنّ المطر فيه, و½رعَد¼ صوَّت, يقول لابن همام: إنّ السحاب إذا سمع الرعد سحَّ بالمطر, وأنت قد أسمعتَني ذكر الدينار ووعدتَني به فأنجز لي وعدي. و½أنجز حرٌّ ما وعد¼ قاله الحارثُ لِصخر بن نهشل بن دارم, وذلك أنّ الحارث قال: يا صخر! هل أدلّك على غنيمة على أنّ لي خُمُسها؟ قال: نعم, فدلّه على قوم من العرب, فأغار عليهم صخر بقومه, فظَفِروا وغَنِموا, فحملهم صخر على أن يعطوا الحارث الخمس, فأبوا, وكان طريقهم على شِجعات –وهي ثنيّة متضايقة- فلما دنوا منها صار إليهم صخر حتّى قعد على رأسها, ومنعهم الجواز أو يعطوا الحارث الخمس, فقال حمزة اليربوعيّ: والله! لا نعطيه من غنيمتنا شيئًا ومضى في الثنيّة, فحمل عليه صخرٌ فقتله, فلمّا رأى ذلك الجيشُ أعطوه الخمس. (الشريشي, الواسطي)