عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

ولا أغرِسُ الأيادي [1] في أرضِ الأعادي,ولا أسمَحُ بمُواساتي [2] لمَنْ يفْرَحُ بمَساآتي, ولا أرى التِفاتي إلى مَن يشْمَتُ بوَفاتي, ولا أخُصّ بحِبائي إلا أحِبّائي [3], ولا أستَطِبّ لدائي غيرَ أوِدّائي, ولا أُمَلِّكُ خُلّتي [4] مَنْ لا يسُدّ خَلّتي, ولا أصَفّي نيّتي لمَنْ يتمنّي منِيَّتي, ولا أُخْلِصُ دُعائي [5] لمَنْ لا يُفعِمُ وِعائي, ولا أُفرِغُ ثَنائي على مَنْ يُفرِّغُ إنائي, ومَنْ حكمَ بأنْ أبذُلَ وتخْزُنَ [6],


 



[1] قوله: [ولا أغرِسُ الأيادي...إلخ] ½الأيادي¼ النعم والمِنَن, وهي جمعُ الجمع؛ لأنّ جمعَ اليد أيد وجمع الأيد أياد, قال ابن جني: ½أَكثر ما تستعمل الأَيادي في النِّعم لا في الأَعْضاء¼, و½أعادٍ¼ جمعُ الجمع, كسَّروا عدوا على ½أعْداءٍ¼ ثم كسَّروا أعداءً على ½أعادٍ¼, وأصلُه أعاديّ كأنعامٍ وأناعِيم؛ لأنّ حرفَ اللَّين إذا ثبَت رابعاً في الواحدِ ثبتَ في الجمع وإن كان ياءً إلاّ أن يُضْطَرَّ إليه شاعر, وإنما قالوا ½أَعادٍ¼ كراهةَ الياءَين مع الكسرة, ولا يمتنع أَن يجيء على الأَصل, ومعناه: لا أصنع إلى الأعداء معروفاً وفي ½لا أغرس الأيادي¼ استعارة مكنية, شبّه الأيادي بالأشجار, ورمز إليه بقوله: ½أغرس¼. (الرازي, لسان العرب)

[2] قوله: [ولا أسمَحُ بمُواساتي...إلخ] ½آسيته بمالي¼ مواساةً, جعلتُه إسوة نفسي في مالي فقاسمتُه فيه, و½مساآتي¼ هي نقيض المسرات, واحدتها مسأة, أي: أحزاني وما يسوءني, و½الالتفات¼ النظر, وكنى به عن البرّ والإحسان, و½يشمت¼ يسرّ, ½الشماتة¼ فرح عدوّ الإنسان بما يغمه ويحزنه, و½وفاتي¼ موتي, يقول: لا أواسي من يفرح بأحزاني ولا أصنع البر والإحسان مع من يسرّ بموتي.  (الشريشي, الرازي بزيادة)

[3] قوله: [لا أخُصّ بحِبائي إلا أحِبّائي...إلخ] ½حِبائي¼ عطائي, و½الحِباء¼ العطاء ابتداءً من غير عوض, و½أحبّائي¼ جمع حبيب, و½أستطبّ¼ أطلب طبّه, و½الأوِدّا¼ جمع وديد وهو الحبيب. (مغاني, الشريشي)

[4] قوله: [ولا أُمَلِّكُ خُلّتي إلخ] ½أُملّك¼ يقال: ½ملكه الشيء¼ إذا جعله ملكا له, و½الخلة¼ -بضمّ الخاء- الصداقة, وأيضاً الحاجة, و-بفتح الخاء- الثقبة, و½يسد خَلتي¼ يصلح فقري, و½المنيّة¼ الموت؛ لأنها مقدّرة, من قولهم: ½منى يمني¼ أي: قدّر. (مغاني)

[5] قوله: [ولا أُخْلِصُ دُعائي...إلخ] ½أخلص¼ أجعله خالصاً ليكون أقرب إلى القبول, ½وعائي¼ إنائي, ½لا يفعم¼ أي: لا يملؤ وعائي, وهو كناية عن كثرة الإعطاء, و½لا أفرغ¼ من باب الإفعال, أي: أصبّ, وأفرغ الماء إذا أراقه, وفي التنزيل: ﴿رَبَّنَآ أَفۡرِغۡ عَلَيۡنَا صَبۡرٗا[البقرة:٢٥٠], و½ثنائي¼ مدحي, ½يفرّغ¼ من التفريغ أي: جعله خاليا, ½إنائي¼ كوعائي لفظاً ومعنىً, ومراده: أني لا أثني على من يفني مالي. (مغاني, الجوهرية)

[6] قوله: [ومنْ حكمَ بأنْ أبذُلَ وتخْزُنَ...إلخ] ½ومن حكم¼ استفهام إنكار, أي: لَم يحكم كذلك أحد, و½أبذل¼ أعطي, و½تخزن¼ أي: تحبس, مِن خزن الشيءَ يخزنه, والمراد منه المنع؛ لأنه لازم له, وقوله: ½أذوب وتجمد¼ هذا مثل, معناه: أسهل وتصعب, ومثله ½أذكو وتخمد¼ أي: أنفعك ولا تنفعني, وأصله للنار فاستعاره, يقال: ½ذكت النار¼ أي: اشْتَدَّ لهَبُها واشْتَعلت, و½خمدت النار¼ أي: سكن لهبها, يقول: لم يكن أحد يحكم بأن أعطيك العطايا وأنت تخزن أموالك وتمنعه عنّي, وأسهل معك وأنفعك وأنت تصعب ولا تنفعني. (مغاني, المطرّزي, الواسطي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132