عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

بضَيْمٍ [1], وأنّى تُشرِقُ شمْسٌ معَ غيْمٍ؟ ومتى أُصْحِبَ وُدٌّ بعَسْفٍ [2], وأيّ حُرّ رضيَ بخُطّةِ خسْفٍ؟ وللهِ أبوكَ حيثُ يقول [3]:

جـزَيْـتُ مَـنْ أعـلَـقَ بـي وُدَّهُ

 

جَـزاءَ مَـنْ يـبْـنـي عـلى أُسّـهِ [4]

وَكِلْـتُ لِلخِـلّ كمـا كالَ لـي

 

على وَفـاء الكَـيْلِ أو بَخْـسِهِ [5]

 


 

 



[1] قوله: [كيف يُجْتَلَبُ إنْصافٌ بضَيْمٍ..إلخ] ½الضيم¼ -بالضاد المعجمة- هو الظلم, و½أنّى¼ كيف, و½تُشرِق¼ تُضيء, مِن أشرقت, أي: كيف تضيء وتصفو, يقال: ½شرقت الشمس¼ أي: طلعت, و½أشرقت¼ أي: أضاءت, و½غيم¼ سحاب, وهذا مثل ومعناه: كيف أفعل الجميل في مقابلة القبيح. (مغاني, الشريشي)

[2] قوله: [ومتى أُصْحِبَ وُدٌّ بعَسْفٍ..إلخ] ½أصحب له¼ أي: انقاد له, وحقيقته دخل في صحبته بعد أن كان نافراً عنه, و½العسف¼ الجَور, وأصله: ركوب الأمر بغير تدبير, ثمّ استعمل على الحمل على المكروه ظلما, و½الخطة¼ الأمر العظيم, والنقيصة والحال, يقال: ½خطة سوء¼ أي: حال سوء, و½الخسف¼ الإذلال والنقصان, ويقال: ½رضي فلان بالخسف¼ أي: بالنقيصة, ويقال: ½باتوا على الخسف¼ أي: جياعاً ليس لهم شيء يتقوّتون به, وخسف القمر ذهاب ضيائه, وقد يكون الخسف بمعنى الضيم وذهاب الحرمة والجاه, يقول: متى تُحفَظ مودّة وصداقة بظلم وجور, وأيّ كريم رضي بحالة ذُلّ وهُوان. (مغاني, الشريشي)

[3] قوله: [وللهِ أبوكَ حيثُ يقول] أي: ما أحسن قول أبيك, كلمة مدح تعتاد العرَبُ الثناءَ بها, فإنّ الإضافة إلى العظيم تشريف ولهذا يقال: ½بيت الله¼ و½ناقة الله¼, قال صاحب "التحرير": فاذا وُجد مِن الولَد ما يُحمَد قيل له: ½لله أبوك¼ حيث أتى بمثلك. (شرح النووي على "صحيح مسلم")

[4] قوله: [جزَيْتُ مَنْ أعلَقَ بي وُدَّهُ...إلخ] ½أعلق¼ بمعنى علّق, أي: ألصق, ½الأس¼ أصل البناء, يقول: من علّق بقلبي ودّه جعلتُ ذلك الودّ أسًّا بقلبي وبنيتُ عليه ودي, فإن أسس في قلبي ودًّا سليماً بنيتُ عليه مثله, وإن غَشِّني في ودٍّ غششتُه, والهاء في ½أسّه¼ ترجع إلى ½مَن¼ أي: من نصحني في صحبتِه نصحتُه. (الشريشي)

[5] قوله: [وكِلْتُ للخِلّ كما كالَ لي...إلخ] ½الخِلّ¼ الصاحب, و½البخس¼ النقصان في البيع, من قوله تعالى: ﴿ وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۢ بَخۡسٖ[يوسف:٢٠], أي: ناقص, ويقال: ½بخست فلانا حقّه¼ إذا ظلمته إياه كأنك نقصته منه. وقال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ[الأعراف:٨٥], أي: لا تنقُصوهم من حقّهم شيئا, يؤمي به إلى قولهم: ½جزيتُه كَيل الصاع بالصاع¼ أي: كافأتُ الإحسان بمثله والإساءة بمثلها. (مغاني, المطرّزي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132