عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وَرُبّ مَـذّاقِ الـهَـوى خـالَـنـي

 

أصْـدُقُــهُ الـوُدَّ عـلى لَـبْـسِـهِ [1]

ومـا دَرَى مِـنْ جَـهْــلِـهِ أنّـنِــي

 

أقْضِي غَريمِي الدَّينَ مِنْ جِنسِه [2]

فَاهجُرْ مَنِ استَغْباكَ هَجْرَ القِلَى

 

وهَبْـهُ كَالمَلْحُـودِ في رَمْـسِـهِ [3]

والـبَسْ لِمَـنْ في وصْلِـهِ لُـبْـسَـةٌ

 

لِـبـاسَ مَنْ يُـرْغَبُ عَنْ أُنسِـهِ [4]

ولا تُــرَجِّ الــوُدَّ مــمّــنْ يَــرَى

 

أنّـك مُـحْـتــاجٌ إلـى فَـلْـسِـهِ [5]

 


 



[1] قوله: [وَرُبّ مَذّاقِ الهَوى خالَني...إلخ] ½رب¼ كلمة تقليل وتكثير, والثاني أكثر, وتختصّ بنكرة موصوفة أو بجملةٍ سواءٌ كانت اسميةً أو فعليةً, و½مذاق الهوى¼ هو الذي لا يخلص المودّة, يقال: مذق الودّ يمذُقه إذا لم يخلصه, وقد يكون صديقاً في الظاهر عدوًّا في الباطن, ½المذاق¼ المُخلِّط الذي لا يخلص في الودّ, وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر الزمان أقوام إخوان العَلانية أعداء السريرة))، فقيل: يارسول الله! كيف يكون ذلك؟، قال: ((برغبة بعضهم إلى بعض، وبرهبة بعضهم من بعض)). و½خالني¼ حسبني وظنّ بي, ومِن أمثالهم: ½من يسمع يخلّ¼ أي: يظنّ, ومعناه: من يسمع أخبار الناس ومعايبهم يقع في نفسه عليهم المكروه والظنّ السوء فمجانبة الناس أسلَم, و½أصدقه الوُدّ¼ أي: في الودّ, و½اللبس¼ الشبهة وعدم الوضوح, وهي اسم من الالتباس, يقال: لبسه عليه يلبسه لبساً, والتبس وتلبّس في الأمر, أي: خلّطه فاشتبه عليه وتعلّق به. (مغاني)

[2] قوله: [وما دَرَى مِنْ جَهْلِهِ أنّنِِي...إلخ] ½غريمي¼ صاحب دَيني, و½الغَرِيم¼ الذي عليه الدَّيْن, ½الغريم¼ أيضاً الذي له الدَّيْن, و½مِن جنسه¼ أي: مِن جنس الدَّين إن كان جيّداً قضيتُه جيداً وإن كان رديئاً فرديئاً. (الشريشي, الرازي)

[3] قوله: [فَاهجُرْ مَنِ استَغْباكَ هَجْرَ القِلَى...إلخ] ½استغباه¼ استجهله وعدّه غبيًّا, أي: قليل الفِطنة, و½القلى¼ هو البغض والعداوة, و½هبه¼ أي: احسبه, و½الملحود¼ المقبور في اللحد, و½الرمس¼ تراب القبر, وقيل: ½الرمس¼ القبر, يقول: اهجر من استجهلك وحسِبك غبيًّا قليل الفِطنة فلا خير في صحبته. وعن مجاهد رحمه الله قال: ½كانوا يقولون لا خير لك في صحبة مَن لا يرى لك مِن الحق مثل ما ترى له¼. (مغاني, الرازي)

[4] قوله: [والبَسْ لِمَنْ في وصْلِهِ لُبْسَةٌ...إلخ] ½اللبسة¼ بالضمّ الشبهة وعدم الوضوح, والرواية المشهورة في قوله: ½يرغب عن أنسه¼ بضمّ الياء, وعندي أنّ فتحها أظهر وأصحّ معنى, فتأمّل تصب إن شاء الله. (الرازي)

[5] قوله: [ولا تُرَجِّ الوُدَّ ممّنْ يَرَى...إلخ] أي: لا ترجوا, يقال: ترجّيتُه وارتجَيتُه ورجّيتُه أي: رجوته, عن أبي مجاهد قال: قال بن عمر: لقد أتى علينا زمانٌ وما يرى أحدٌ أنه أحقّ بديناره ودرهمه من أخيه المسلم, فأصبحنا اليوم ودينار أحدنا ودرهمه أحبّ إليه من أخيه المسلم. (مغاني)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132