عنوان الكتاب: نماذج من حياء السلف الصالح

مَرِضَتْ رضي الله عنها مَرَضًا شَدِيدًا، فَقَالَتْ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رضي الله تعالى عنها: أَلَا تَرَيْنَ إِلَى مَا بَلَغْتُ أُحْمَلُ عَلَى السَّرِيرِ ظَاهِرًا؟

فقالتْ سيدتنا أَسْمَاءُ رضي الله تعالى عنها: أَلَا لَعَمْرِي، وَلَكِنْ أَصْنَعُ لَكِ نَعْشًا كَمَا رَأَيْتُ يُصْنَعُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ.

قالت: فَأَرِنِيهِ.

فَأَرْسَلَتْ سيدتنا أَسْمَاءُ رضي الله عنها إِلَى جَرَائِدَ رَطْبَةٍ، فَقُطِّعَتْ مِنَ الْأَسْوَافِ وَجُعِلَتْ عَلَى السَّرِيرِ نَعْشًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَا كَانَ النَّعْشُ.

فَتَبَسَّمَتْ سيّدتنا فَاطِمَةُ الزهراء رضي الله تعالى عنها، وَمَا رَأَيْتُهَا مُتَبَسِّمَةً بَعْدَ أَبِيهَا إِلَّا يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ حَمَّلْنَاهَا وَدَفَنَّاهَا لَيْلًا[1].

سبحان الله! لم تشاهد عيون السماء مثل هذا المنظر الفريد للحياء قطّ، وعلى الرغم مِن أنّه غلب عليها الحزنُ بعد وفاة أبيها حتّى غادرت الحياة، فبقيتْ متمسّكة بالحياء والحشمة حتّى لفظتْ أنفاسها الأخيرة، فاستحيتْ أنْ ينظر إليها الرجال حتّى وهي في الكفن.

التزام سيدتنا أمّ الخلاد بالحجاب

رُوي أنّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ خَلَّادٍ -رضي الله تعالى عنها- وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ، تَسْأَلُ عَنِ ابْنِهَا، وَهُوَ مَقْتُولٌ، فَقَالَ لَهَا بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ : جِئْتِ تَسْأَلِينَ عَنِ ابْنِكِ وَأَنْتِ مُنْتَقِبَة؟


 

 



[1] "المستدرك على الصحيحين"، كتاب معرفة الصحابة، ۴/۱۵۰، (۴۸۱۷).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

34