عنوان الكتاب: لمحة عن الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رحمه الله

فلمَّا هدَأَ النّاسُ خرَجَ إلى الْمَسجدِ فانتَصَبَ للصّلاةِ إلى أنْ طلَعَ الفَجْرُ، ودخَلَ مَنزِلَه ولَبِسَ ثِيابَه وخرَجَ إلى الْمَسجدِ وصلّى الغَداةَ، فجلَسَ للنّاسِ إلى الظُّهْرِ ثمَّ إلى العَصْرِ ثمّ إلى الْمَغربِ ثمّ إلى العِشاءِ، فقلتُ في نفْسِي: إنّ الرجُلَ قد يَنْشَطُ اللَّيْلةَ لَأتَعاهَدَنّه اللَّيْلةَ، فتَعاهَدتُه.

فلمّا هدَأَ النّاسُ خرَجَ فانتَصَبَ للصّلاةِ ففعَلَ كَفِعْله في لَيلَتِه الأُولَى، فلمّا أصْبحَ خرَجَ إلى الصّلاةِ وفعَلَ كَفِعْله في يَوْمَيه حتّى إذا صلّى العِشاءَ، قلتُ في نفْسِي: إنّ الرّجُلَ قد يَنْشَطُ اللَّيْلةَ واللَّيلتَيْنِ لَأتَعاهَدَنّه اللَّيْلةَ، ففعَلَ كَفِعْله في لَيْلَتَيه، فلمّا أصْبحَ جلَسَ كذلك، فقلتُ في نفْسِي: لَألْزَمَنّه إلى أنْ يَمُوتَ أو أَمُوتَ، فلازَمْتُه في مَسجدِه فما رأَيْتُه بالنّهارِ مُفطِرًا ولا باللَّيلِ نائمًا، وكان يَخْفِقُ قبْلَ الظُّهْرِ خَفْقَةً، قال ابنُ أَبي مُعاذٍ رحمه الله تعالى: فبلَغَنِي أنّ مِسْعرًا رحمه الله تعالى ماتَ في مَسجِدِ أبي حنيفةَ في سُجود[1].

مزاولةُ الإمام أبي حنيفة مهنة التجارة

أيها الإخوة الأكارم! إنّ الإمامَ الأعظم أبا حنيفة رحمه الله تعالى قد اختار مهنةَ التجارةِ للحصولِ على الرزق الحلال جنبًا إلى التعليم وعبادة الله تعالى، وكان رحمه الله تعالى يُعامل الناسَ بالعدل والإحسانِ في


 

 



[1] "مناقب الإمام الأعظم أبي حنيفة" للموفق، الباب الثالث عشر في ذكر تهجده وقراءته...إلخ، ١/٢٣٠-٢٣١، ملتقطًا.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

28