مثل كونها خبرَ مبتدأ أو حالاً أو صفة أو نحو ذلك (عطفت) الثانية (عليها) أي: على الأولى ليدلّ العطف على التشريك المذكور (كالمفرد) فإنّه إذا قصد تشريكه لمفرد قبله[1] في حكم إعرابه من كونه فاعلاً أو مفعولاً أو نحو ذلك[2] وجب عطفه عليه (فشرط كونه) أي: كون عطف الثانية على الأولى (مقبولاً بالواو ونحوه أن يكون بينهما) أي: بين الجملتين (جهة جامعة[3] نحو ½زيد يكتُب ويَشعُر¼) لما بين الكتابة والشِعر من التناسب الظاهر[4] (أو يعطي ويمنع¼) لما بين الإعطاء والمنع من التضادّ[5] بخلاف ½زيد يكتب ويمنع أو يعطي
[1] قوله: [لمفرد قبله إلخ] اعلم أنّ قوله ½كالمفرد¼ يحتمل أن يكون مشبَّها به للجملة المعطوفة أي: عطفت الثانية على الأولى كما يعطف المفرد عند قصد تشريكه لما قبله في الحكم, ويحتمل أن يكون مشبَّهاً به للجملة المعطوف عليها أي: عطفت الثانية على الأولى كما يعطف على المفرد وأن يكون مشبَّهاً به لعطف الجملة على الجملة أي: عطفت الثانية على الأولى كما يعطف المفرد الثاني على الأوّل, وهذا هو الأحسن وبه يشهد ما في "الإيضاح" وإليه يشير لفظ الشارح.
[2] قوله: [أو نحو ذلك] ككونه مضافاً إليه ومجروراً بحرف الجرّ. قوله ½وجب إلخ¼ أي: في الاستعمال الأغلب لأنهم جوّزوا تركَ العطف في الأخبار والصفات المتعدِّدة مطلقاً سواء قصد التشريك أو لم يقصد بل الترك أحسن ما لم يكن فيها إيهام التضادّ كقوله تعالى: ﴿ٱلۡمَلِكُ ٱلۡقُدُّوسُ ٱلسَّلَٰمُ ٱلۡمُؤۡمِنُ ٱلۡمُهَيۡمِنُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُۚ﴾ وإلاّ كان العطف أحسن نحو قوله تعالى: ﴿هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ﴾.
[3] قال: [جهة جامعة] أي: وصف يجمعهما في العقل أو الوهم أو الخيال ويقرِّب أحدَهما من الآخر كالضدّية بينهما وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى, ولا يكفي مطلق ما يجمعان فيه لأنّ كلّ شيئين لا بدّ من اجتماعهما في شيء حتّى الضبّ والنون فإنهما يجتمعان في الحيوانيّةِ وعدمِ الطائريّة مثلاً.
[4] قوله: [من التناسب الظاهر] لأنّ كلاّ منهما إنشاء كلام فالكتابة إنشاء النثر والشعر إنشاء النظم, وهذا التناسب أمر يوجب اجتماعَهما في المفكِّرة عند أربابهما, فالجامع بين المسندين في المثال المذكور خيالي بين المسند إليهما عقليّ كما يعلم ممّا يأتي.
[5] قوله: [من التضادّ] وهو يوجب التلازم خطوراً بالبال إذ ضدّ الشيء أقرب خطوراً بالبال عند خطور ذلك الشيء فهما متناسبان والتناسب أمر يوجب اجتماعهما في المفكِّرة فالجامع بينهما خياليّ.