الصدق فليتأمل (ورُدّ) هذا الاستدلال[1] (بأنّ المعنى) أي: معنى ½أم به جنّة¼: (½أم لَم يفتر¼ فعبّر عنه) أي: عدم الافتراء (بالجنّة لأنّ المجنون لا افتراء له) لأنه الكذب عن عمد ولا عمد للمجنون، فالثاني[2] ليس قسيماً للكذب بل لِما هو أخصّ منه أعني الافتراء، فيكون هذا حصراً للخبر الكاذب بزعمهم في نوعيه أعني الكذب عن عمد والكذب لا عن عمد.
(أحوال الإسناد الخبريّ)
وهو ضمّ[3] كلمة أو ما يجري مجراها إلى أخرى بحيث يفيد الحكمَ بأنّ مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى أو منفيّ عنه، وإنّما قدّم[4] بحث الخبر لعظم شأنه وكثرة مباحثه، ثم قدّم أحوال الإسناد على أحوال المسند إليه والمسند مع تأخّر النسبة عن الطرفين؛ لأنّ البحث هنا[5] إنّما هو عن أحوال اللفظ الموصوف بكونه مسنداً إليه أو مسنداً، وهذا
[1] قوله: [هذا الاستدلال] إشارة إلى المرجع المفهوم من السياق. قوله ½أي: معنى أم به جنّة¼ إشارة إلى أنّ اللام في ½المعنى¼ للعهد الخارجيّ. قوله ½أي: عدم الافتراء¼ إشارة إلى مرجع الضمير المجرور. قوله ½لأنّه الكذب إلخ¼ أي: لأنّ الافتراء هو الكذب إلخ, وهذا تعليل لكون المجنون لا افتراء له.
[2] قوله: [فالثاني] أي: الإخبار حال الجنّة, ½ليس قسيماً للكذب¼ أي: لمطلق الكذب, ½بل لما¼ أي: بل هو قسيم لما هو أخصّ من الكذب وهو الافتراء؛ لأنّ الافتراء هو الكذب عن عمد فهو أخصّ من مطلق الكذب. قوله ½فيكون هذا¼ أي: قولهم: ½أفترى على الله أم به جنّة¼ حصراً للخبر الكاذب في نوعيه إلخ, أي: وحينئذ فالثاني كذب أيضاً فلا واسطة.
[3] قوله: [وهو ضمّ إلخ] أي: الإسناد الخبريّ انضمامُ كلمة أو انضمامُ ما يقوم مقام الكلمة كالمركّبات الناقصة والجملة الحالّة محلّ مفرد نحو ½زيد قام أبوه¼. قوله ½بحيث يفيد¼ الباء للملابسة متعلِّقة بمحذوف وضمير ½يفيد¼ للضمّ أي: ضمًّا متلبِّساً بحالة وهي أن يفيد ذلك الضمّ الحكم بأنّ إلخ.
[4] قوله: [وإنما قدّم إلخ] جواب سؤال مقدّر وهو أنه لم قدّم بحث الخبر على بحث الإنشاء ثمّ لم قدّم من مباحث الخبر أحوال الإسناد على أحوال المسند إليه والمسند مع أنّ الإسناد متأخِّر عن الطرفين. قوله ½لعظم شأنه¼ أي: شرعاً ولغةً وذلك لأنّ الاعتقاديات كلّها وأكثر المحاورات أخبار. قوله ½وكثرة مباحثه¼ من قبيل عطف المسبّب على السبب؛ وذلك لأنّ المزايا والخواصّ المعتبرة عند البلغاء أكثر وقوعها فيه.
[5] قوله: [لأنّ البحث هنا] أي: في علم المعاني. قوله ½وهذا الوصف¼ أي: كون اللفظ مسنداً إليه أو مسنداً. قوله ½إنما يتحقّق¼ أي: يتعقّل في الذهن بعد تحقّق الإسناد؛ لأنه ما لم يسند أحد الطرفين إلى الآخر لم يصر أحدهما مسنداً إليه والآخر مسنداً.