عنوان الكتاب: مختصر المعاني

(الفنّ  الأول علم المعاني)

قدّمه على البيان لكونه منه[1] بمنزلة المفرد من المركّب لأنّ رعاية المطابَقة لمقتضى الحال وهو مرجع [2] علم المعاني معتبرة في علم البيان مع زيادة شيء آخر وهو إيراد المعنى الواحد في طرق مختلفة (وهو علم) أي: ملَكة يقتدر بها على إدراكات جزئيّة [3] ويجوز أن يراد به نفس الأصول والقواعد المعلومة، ولاستعمالهم المعرفة في الجزئيات قال (يعرف به أحوال اللفظ العرَبِيّ) أي: هو علم يستنبط منه إدراكات جزئيّة وهي معرفة


 



[1] قوله: [لكونه منه إلخ] كلمة ½مِنْ¼ في الموضعين ابتدائيّة باعتبار الاتّصال أي: لكون المعاني حال كونه متّصلاً بالبيان بمنزلة المفرد حال كونه متّصلاً بالمركّب من جهة التوقّف, ويصحّ أن تكون ½مِنْ¼ متعلِّقة بمحذوف أي: لكون قرب المعاني من البيان بمنزلة قرب المفرد من المركّب كما قيل في قوله عليه السلام لعليّ: ((أنت منّي بمنزلة هارون من موسى)). قوله ½لأنّ رعاية إلخ¼ علّة للكون المذكور.

[2]  قوله: [وهو مرجع] الضمير للرعاية وتذكيره باعتبار الخبر, والمراد بالمرجع الفائدة والثمرة. قوله ½معتبرة في علم البيان¼ معنى كونها معتبرة فيه أنّ الإيراد الذي هو مقصود البيان إنما يعتبر بعد تلك الرعاية لا أنها معتبرة فيه على وجه الجزئيّة. قوله ½في طرق¼ أي: بطرق كقولك لثبوت الجود ½زيد سخي¼ و½زيد جبان الكلب¼ و½زيد كثير الرماد¼ و½زيد هزيل الفصيل¼ و½رأيت بحراً يتكلّم¼ فثبوت الجود معنى أدّيتَه بطرق.

[3]  قوله: [إدراكات جزئيّة] أي: إدراكات متعلِّقة بالفروع المستخرَجة من القواعد الكليّة مثلاً قولنا: ½كلّ كلام يلقى إلى المنكِر يجب توكيده¼ أصل كليّ وفرعه المستخرَج منه: ½هذا الكلام يجب توكيده¼ وهكذا, إن قيل الإدراك لا يوصف بالكليّة والجزئيّة بل المتّصف بهما إنما هو المدرَك كالإنسان وزيد, أجيب بأنّ في الكلام حذفَ مضاف أي: يقتدر بها على إدراك مدرَكاتٍ جزئيّة. قوله ½ويجوز إلخ¼ عطف على محذوف أي: المراد بالعلم ملكة ويجوز ألخ, قيل إنّ تصدير الشارح بالمعنى الأوّل وتصدير هذا بـ½يجوز¼ يقتضي أنّ هذا مرجوح والراجح الأوّل مع أنّ الأمر على العكس فإنّ الكثير إطلاق العلم على الأصول وإطلاقه على الملكة قليل, وذكر عبد الحكيم أنّ إطلاق العلم بمعنى الملكة أكثر في العرف من إطلاقه بمعنى الأصول كما صرّح به في "التلويح". قوله ½ولاستعمالهم إلخ¼ علّة مقدَّمة على المعلول وهو قوله ½قال إلخ¼ أي: قال ½يعرف¼ ولم يقل ½يعلم¼ لاستعمالهم إلخ, فإنّ أحوال اللفظ العربي كتأكيد هذا الكلام وتقديم المسند فيه أو تأخيره جزئيّات فيناسبها المعرفة لا العلم.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471