(القصر) في اللغة الحبس[1] وفي الاصطلاح تخصيص شيء بشيء بطريق مخصوص وهو (حقيقيّ وغير حقيقيّ) لأنّ تخصيص شيء بشيء إمّا أن يكون بحسَب الحقيقة وفي نفس الأمر[2] بأنْ لا يَتجاوزَه إلى غيره أصلاً وهو الحقيقيّ أو بحسَب الإضافة إلى شيء آخَر بأنْ لا يتجاوزَه إلى ذلك الشيء وإن أمكن أن يتجاوزه إلى شيء آخر في الجملة[3] وهو غير حقيقيّ بل إضافيّ كقولك: ½ما زيد إلاّ قائم¼ بمعنى أنّه لا يتجاوز القيامَ إلى القعود لا بمعنى أنّه لا يتجاوزه إلى صفة أخرى أصلاً، وانقسامه[4] إلى الحقيقيّ والإضافيّ بهذا المعنى[5]
[1] قوله: [في اللغة الحبس] على أنه من ½قصرتُ الشيء¼ إذا حبسته, ومنه قوله تعالى: ﴿حُورٞ مَّقۡصُورَٰتٞ فِي ٱلۡخِيَامِ﴾ [الرحمن:٧٢] أي: محبوسات. قوله ½تخصيص إلخ¼ أي: تخصيص موصوفٍ بصفة أو صفةٍ بموصوف إمّا على الإطلاق أو على سبيل الإضافة. قوله ½بطريق مخصوص¼ أي: من الطرق المصطلح عليها عندهم وهي التخصيص بالعطفِ, والتقديمِ, والنفيِ و½إِلاَّ¼, و½إِنَّمَا¼ على ما يأتي وبتوسّطِ ضمير الفصل وتعريفِ المسند إليه أو المسند بلام الجنس على ما مرّ, واحترز به عن نحو ½زيد مقصور على القيام¼ فإنه لا يسمّى قصراً اصطلاحاً, والباء الأولى للإلصاق والثانية للاستعانة.
[2] قوله: [وفي نفس الأمر] عطف تفسيريّ لقوله ½بحسب الحقيقة¼. قوله ½بأن لا يتجاوز إلخ¼ تصوير للتخصيص بحسب الحقيقة أي: بأن لا يتجاوز الشيءُ الأوّلُ المقصورُ الشيءَ الثانيَ المقصورَ عليه إلى غير هذا الشيء الثاني. قوله ½وهو الحقيقيّ¼ كقولنا ½لا إله إلاّ الله¼.
[3] قوله: [في الجملة] أي: في بعض أمثلة القصر لا في كلِّها كقولك ½زيد شُجاع لا عمرو¼ فجاز أن يكون خالد أيضاً شُجاعاً. قوله ½بل إضافيّ¼ دفع به توهّم أنّ المراد بكونه غيرَ حقيقيّ أنّه مجازيّ.
[4] قوله: [وانقسامه إلخ] جواب سؤال مقدّر وهو أنّ القصر مطلقاً أي: حقيقيًّا كان أو إضافيًّا من الأمور الإضافيّة لأنّه نسبة بين المقصور والمقصور عليه فيمتنع اتّصافه بالحقيقيّ وتقسيمُه إلى الحقيقيّ والإضافيّ تقسيمُ الشيء إلى نفسِه وغيرِه وهو باطل, وحاصل الجواب أنه ليس المراد بالحقيقيّ ما ليس إضافيًّا مطلقاً بل ما كان بالإضافة إلى جميع ما عدا المقصور عليه كما أنّ المراد بالإضافيّ ما كان بالإضافة إلى بعض ما عدا المقصور عليه فكلّ منهما نوع من مطلق إضافيّ.
[5] قوله: [بهذا المعنى] تنازع فيه الحقيقيّ والإضافيّ أي: وانقسام القصر إلى الحقيقيّ بمعنى عدم مجاوزة المقصور المقصورَ عليه إلى غيره أصلاً وانقسامه إلى الإضافيّ بمعنى عدم مجاوزة المقصور المقصورَ عليه إلى شيء آخر وإن أمكن أن يتجاوزه إلى غير ذلك الشيء الآخر لا ينافي إلخ.